فيما يلي ردود رئيس مجلس الشعب المصري معالي الدكتور احمد فتحي سرور:
1- ما هو تقييمكم لعمل الاتحاد خلال العشر سنوات الماضية ؟
بادىء ذى بدء وقببل التطرق إلى موضوع سؤالنا، ينبغي الإشارة إلى أن إنشاء اتحاد مجالس الدول الأعضاء فى منظمة المؤتمر الإسلامي في 17 يونيو 1999 بالعاصمة الإيرانية طهران، إنما جاء توخياً لتحقيق الأهداف الآتية، والوارد ذكرها بالمادة (1) بالنظام الأساسي لهذا الاتحاد:
1- التعريف بالتعاليم السلامية السامية ونشرها، مع التأكيد على شتى جوانب الحضارة الإسلامية.
2- تعزيز ودعم تطبيق مبدأ الشورى الإسلامي في جميع الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، مع مراعاة دستور كل دولة عضو وظروفها.
3- توفير إطار لتحقيق تعاون وتنسيق شاملين مثمرين فيما بين مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي في المحافل والمنظمات الدولية.
4- تعزيز اللقاءات والحوار فيما بين مجالس دول منظمة المؤتمر الإسلامي، وفيما بين أعضاء هذه المجالس، وتبادل الخبرات البرلمانية ، ومناقشة الفضايا الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية التى تهم الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، والتصدي للتحديات الخطيرة التى تواجهها، والحد من محاولات فرض الهيمنة الثقافية والسياسية والاقتصادية عليها ، واتخاذ التوصيات والقرارات الملائمة بشأن هذه القضايا.
5- تدعيم الاتصال والتعاون والتنسيق مع سائر المنظمات البرلمانية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، بغية بلوغ الغايات المشتركة .
6- تدعيم التنيسق فيما بين شعوب العالم بقصد احترام حقوق الإنسان والمبادىء الإنسانية والدفاع عنها ، وإرساء أركان السلم القائم على العدل .
وإجمالاً، يمكن القول أن اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، تلك المظمة الفتية التى تم الاحتفال فى بحر هذا العام بالذكرى العاشرة لتأسيسها ، حيث تم تأسيسها في 17 يونيو 1999، قد حقق العديد من الإنجازات والنجاحات من خلال القضايا التى كانت محوراً للنقاش وتبادل الأراء بين البرلمانات الأعضاء على مدى دوراته التى عقدها خلال هذه الفترة على مختلف مستوياته، سواء الدولية أو الاستثنائية (إحدى عشرة دورة لمجلس الاتحاد، وخمس دورات لمؤتمر الاتحاد، واحدى وعشرون دورة للجنة التنفيذية).
ومن خلال إصدار وتبنى العديد من القرارات والبيانات والإعلانات التى تستهدف تقوية وتدعيم العلاقات فيما بين برلمانات الدول الإسلامية، ومن أبرز هذه القرارات القرار الذى اتخذه مجلس الاتحاد في دورته العاشرة التى عقدت بالقاهرة يومى 27 و28 يناير 2008، والخاص بتقوية الوحدة الإسلامية ، والقرار المتعلق بضرورة التشاور واتخاذ موقف موحد من قبل البرلمانات الأعضاء فى المحافل والمنظمات البرلمانية الدولية .
كما أصدر مجلس الاتحاد قرارات أخرى بشأن القضايا الملحة التى تهم الشعوب الإسلامية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتنظيمية الخاصة بتدعيم عمل ومسيرة الاتحاد .
ففى المجال السياسى، تفاعلت برلمانات الدول الأعضاء فـى منظمة المؤتمر الإسلامي مع قضايا أمتها وشعوبها الإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية ، قضية المسلمين الأولى ، فأصدر مجلس الاتحاد قرارات عديدة بشأن فلسطين والقدس الشريف والمسجد الأقصى وحماية الوحدة الوطنية الفلسطينية ، أبرزها القراران الصادران بشأن الوضع فى فلسطين للدورتين العاشرة والحادية عشرة المنعقدتين بالقاهرة والنيجر عـامى 2008 و 2009 علـى التوالى .
والقرار الصادر عن مجلس الاتحاد إبان دورته الاستثنائية الثانية التى عقدت بمدينة اسطنبول التركية يوم 24 من مارس سنة 2008 ، بشأن الوضع في فلسطين المحتلة والحصار الإسرائيلي لقطاع غزة . بالإضافة للقرارات الصادرة عن الدورة الخامسة لمؤتمر الاتحاد التى عقدت بالقاهرة يومى 30 و 31 يناير 2008 ، بشأن الوحدة الوطنية الفلسطينية ، وقضايا القدس الشريف وفلسطين والأراضي المحتلة .
كما أصدر مجلس الاتحاد قرارا ت أخرى بشأن العراق، ولبنان، والصومال، وإقليم دارفور، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.
وتفاعل مجلس الاتحاد بشكل ملحوظ مع القضايا الخاصة بحماية الأقليات المسلمة التركية في تراقيا الغربية، واليونان ، ودعم استقلال كوسوفو.
فضلاً عن القرارات الصادرة عن الدورة الخامسة لمؤتمر الاتحاد التـى عقدت بالقاهرة يومى 30 و 31 يناير 2008 بشأن العراق، وأمن و استقرار إقليم دارفور بالسودان، ودعم استقلال كوسوفو، والوضع في قبرص، وعدوان أرمينيا على أذربيجان، وتقوية الوحدة الإسلامية.
وفى المجال الاقتصادى، اتخذ مجلس الاتحاد قرارات عديدة بهدف دعم العلاقات الاقتصادية بين أعضائه، أبرزها وأهمها على الإطلاق، القرار الذي اتخذه مجلس الاتحاد في دورته العاشرة التى عقدت بالقاهرة يومى 27و28 يناير 2008 والخاص بإنشاء صندوق النقد الإسلامي، وتخصيص مساهمات طوعية لصندوق التضامن بين الدول الإسلامية عند حدوث الكوارث. والقرارات الصادرة عن مجلس الاتحاد في دورته الحادية عشرة التى عقدت بالنيجر يومي 18 و 19 يناير 2009 و الخاصة بشطب أو تخفيف ديون الدول الإسلامية المعسرة اقتصاديا ، ومتابعة دراسة إنشاء صندوق نقد إسلامي ، وتخصيص مساهمات طوعية لصندوق التضامن الإسلامي لتمويل عملية التكافل والتضامن بين الدول الإسلامية عند حدوث الكوارث.
وعلى الصعيد الاجتماعي، اهتم مجلس الاتحاد أيضا بالعديد من القضايا التى تهم الشعوب الإسلامية ، وأصدر بشأنها قرارات هامة ، منها على سبيل المثال لا الحصر ، التصدى لتجارة الرقيق والاتجار فى الأطفال المسلمين ، وإدانة الاعتداء على الآثار التاريخية والثقافية الإسلامية فـى بعض البلدان الإسلامية .
وعلى الصعيد التنظيمى والإداري ، فقد أصدر الاتحاد العديد من القرارات والتوصيات الهادفة للارتقاء بالاتحاد وتحسين أدائه أبرزها القرار الصادر عن الدورة الخامسة لمؤتمر الاتحاد التى عقدت في القاهرة يومى 30 و 31 من يناير سنة 2008، والخاص بضرورة التشاور واتخاذ موقف موحد من قبل البرلمانات الأعضاء في المحافل والمنظمات البرلمانية الدولية، والقرار الخاص بتشكيل لحنة خاصة برئاسة السيد الأستاذ الدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب المصرى ورئيس مؤتمر الاتحاد فى دورته الخامسة، وعضوية أصحاب المعالي:
رئيس المؤتمر في دورته الرابعة ورئيس المؤتمر في دورته السادسة المقبلة ورئيس البرلمان بدولة المقر وأمين عام الاتحاد وأمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي وثلاثة رؤساء برلمانات أعضاء فى المجموعات الإقليمية الثلاث العربية والأفريقية والآسيوية، بغية وضع خطة لإصلاح الاتحاد وتطوير نظامه الأساسى ، وتشكيل لحنة فنية مصغرة لدراسة هذا الموضوع، لرفع تقرير للجنة التى شكلها الاتحاد لعرض نتائج أعمالها فى دورة الاتحاد السادسة فى عام 2010 .
كما نجح الاتحاد في استقطاب أعضاء جدد، فقد اتسعت عضوية اتحاد مجالس الدول الأعضاء فى منظمة المؤتمر الإسلامي إلى 51 عضواً، مما يدل على حيوية وفعالية العمل الذى يقوم به الاتحاد، كمنبر دائم لمناقشة قضايا الأمة الإسلامية السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ، واتخاذ القرارات والتوصيات اللازمة بشأنها.
بالإضافة إلى مشاركة الاتحاد المنتظمة فى معظم الاجتماعات الدولية والجهوية، كالاجتماعات العامة للاتحاد البرلماني الدولى ، وممارسته دوراً كبيراً جداًً فى توطيد العلاقات بين الشعوب الإسلامية فى آسيا وأفريقيا وأوروبا.
وأخيراً ، وليس آخراً، فقد حقق الاتحاد عدة نجاحات على الصعيد الإعلامي تمثلت أبرزها فى تطوير موقع الاتحاد على شبكة الإنترنت حتى أصبح بالصورة اللائقة بالاتحاد ومكانته فى منظومة الاتحادات البرلمانية العالمية والإقليمية. وإصدار مطبوع دورية باسم" المجالس"؛ لمعالجة القصور فى الجانب الإعلامى للاتحاد، وقد صدر العدد الثالث منها فى يوليو 2009 ، بلغات العمل الثلاث العربية والإنجليزية والفرنسية، وتعتزم الأمانة العامة الارتقاء بهذه المطبوعة؛ لكى تخدم أهداف الاتحاد المنصوص عليها فى نظامه الأساسى.
غير أن ما سبق لا يعنى أن الاتحاد قد حقق الأهداف والنتائج المرجوة منه، و الواردة فى المادة (1) من نظامه الأساسى، كما أريد لها ان تكون عند وضع ذلك النظام، فما تحقق لا يزال دون المستوى المأمول من الاتحاد ، وما تزال الهوة كبيرة بين ما هو مطلوب، وما تحقق على أرض الواقع نتيجة العديد من التحديات والمعوقات التى تعترض تطوير وتفعيل مسيرة عمل الاتحاد ، أبرزها على الإطلاق مشكلة نقص التمويل ، فالفجوة ما تزال كبيرة بين ما نص عليه لنظام الأساسى للاتحاد من تخصيص ميزانية سنوية له تصل إلى 50% من ميزانية منظمة المؤتمر الإسلامي (الحكومية)، وبين ما قرره مجلس الاتحاد فى دورته الثانية بالقاهرة فى يوليو 2000 من قصر هذه الميزانية على 10% فقط مما تسدده كل دولة للمنظة آنذاك ، ولا شك أن التضييق الشديد فى الموارد المالية كان يبدو معقولا فى عام 2000 لبدء العمل، ولكن استمراره طوال السنوات اللاحقة كان له آثار كبيرة تؤثر على فعالية الاتحاد على الساحتين الإسلامية والدولية.
فضلاً عن أن نصف عدد البرلمانات الأعضاء فى الاتحاد تقريبا متأخرة عن سداد حصتها فى ميزانية الاتحاد لمدة تتراوح بين عام وثمانيى أعوام. ولا شك فى أن ذلك قد قيد قدرة الاتحاد على تطوير وتفعيل أدائه ووضع القرارات التى يتخذها موضع التطبيق على أرض الواقع .
كما أخفق الاتحاد فى حل بعض المشاكل، وتنظيم العلاقات بين برلمانات الدول الإسلامية وإزالة بعض التحديات المشتركة للدول الإسلامية، أبرزها وقف الحملة الغربية الشرسة على الإسلام والمسلمين، وتدهور وضع بعض الأقليات الإسلامية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية التى زادتها الأزمة المالية والاقتصادية والعالمية تفاقماً.
مما يتطلب العمل الجاد على تطوير عمل الاتحاد، وتفعيل دور الأمانة العامة، وتطوير نظامه الأساسى، ولوائحه، فالتطوير ليس هدفاً فى ذاته، إلا إذا كان الهدف منه تحقيق مصالح إعلى وفوائد أشمل ، خاصة فى ضوء المستجدات الجديدة على الساحتين الدولية والإسلامية.
2- كيف تقيمون تفاعل الاتحاد مع القضايا الإسلامية عامة ؟
لقد مضى على تأسيس اتحاد مجالس الدول الأعضاء فى منظمة المؤتمر الإسلامي ما يزيد على عشر سنوات، عقد خلالها خمس دورات لمؤتمر الاتحاد ، وإحدى عشرة دورة لمجلس الاتحاد، وإحدى وعشرين دورة للجنة التنفيذية، وإضافة إلى الاجتماعات الاستثنائية الأخرى، وآخرها الاجتماع الاستثنائي للجنة التنفيذية، ومجلس الاتحاد في مدينة اسطنبول التركية فى 14 من يناير سنة 2009 ، لمواجهة الموقف المتدهور فى غزة وتداعياته السلبية.
وأصدر الاتحاد، بمختلف مستوياته، جملة من القرارات والتوصيات التى تفاعلت مع قضايا الأمة الإسلامية وأزماتها، وتناولت أيضاً أوجه التعاون بين عالمنا الإسلامي والمجتمع الدولى بالحوار وغيره.
ومن أبرز هذه القضايا، على الصعيد السياسى، الأوضاع الخطيرة والمتردية فى الأراضى الفلسطنية المحتلة، واستمرار التوسع الاستيطانى الإسرائيلى، واستمرار سياسة التوغل فى الأراضى الفلسطينية، واستمرار عمليات بناء الجدار العازل، وتراجع الحوار الفلسطينى –الفلسطينى، والعدوان الإسرائيلى الجائر الأخير على قطاع غزة والذى أدى لاستشهاد وإصابة ما يقرب من خمسة آلاف فلسطينى وأحدث دماراً شاملاً فى المرافق الرسمية والبنى التحتية. كما تفرض الأوضاع الأمنية المتردية فى العراق تحدياً آخر لا يقل خطورة، بالإضافة للأوضاع المأساوية فى العديد من البلدان الإسلامية الأخرى وعلى رأسها الصومال .
وعلى الصعيد الثقافي، جاء فى مقدمة القضايا التى تصدى لها الاتحاد الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين، والدأب على تشويه صورة الإسلام، واعتباره مرادفاً للإرهاب، لتؤكد أن تشويه صورة الإسلام والمسلمين قد أصبح هدفاً رئيسياً للعديد من القوى اليمينية المتطرفة والقوى الصهيونيى بالدول الغربية، لاسيما بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001. وهكذا تشكلت جبهة واسعة معارضة ورافضة لوجود كل ما هو مسلم بالدول الغربية، ونمت ظاهرة الإسلاموفوبيا التى عانت الأقليات الإسلامية فى أوروبا والولايات المتحدة من ويلاتها .
ونظراً لكون هذه القضية تمثل أهم تحد يواجه الأمة الإسلامية ويؤثر على مصائرها، فقد تفاعل الاتحاد مع هذه القضية بجدية، فأصدر بمختلف مستوياته ، عدة قرارات أبرزها القرار الصادر عن مجلس الاتحاد إبان دورته الاستثنائية الثانية التى انعقدت في اسطنبول فى 14 مارس 2008 بشأن المطالبة بتجريم الإساءة إلى المقدسات والرموز الدينية، والقرار الصادر عن مجلس الاتحاد فى دورته الحادية عشر التى عقدت فى النيجر يومى 18 و 19 فبراير 2009 بشأن اعتماد قرار الأمم المتحدة لاستصدار تشريع دولى يمنع الإساءة إلى الأديان السماوية ورموزها.
وعلى الصعيد الاقتصادى، جاء فى مقدمة القضايا التى شغلت الاتحاد معاناة معظم الدول الإسلامية من الفقر، وتدنى معدلات التنمية الاقتصادية، وفرض عقوبات اقتصادية أحادية الجانب على الدول الإسلامية، وإنشاء صندوق النقد الإسلامي، والأزمة المالية والاقتصادية العالمية. وشرعت برلمانات الدول الإسلامية فى دعم أواصر التعاون والتضامن الاقتصادي بين الدول الإسلامية فى السنوات الأخيرة، وأصدرت عدة قرارات بهدف التفاعل مع تلك القضايا الملحة ، كان أبرزها القرار الذى اتخذه مؤتمر الاتحاد فى دورته الخامسة التى عقدت بالقاهرة يومى 30 و 31 من يناير سنة 2008 ، بشأن تخصيص مساهمات طوعية لصندوق التضامن الإسلامي لتمويل عملية التكافل والتضامن بين الدول الإسلامية عند حدوث الكوارث. والقرارات التى اتخذها مجلس الاتحاد فى دورته التى عقدت بالقاهرة يومى 27 و28 يناير 2008 بإنشاء صندوق النقد الإسلامي، وتخصيص مساهمات طوعية لصندوق التضامن الإسلامي لتمويل عمليات التكافل والتضامن بين الدول الإسلامية عند حدوث الكوارث.
وفى الوقت الذى نشيد فيه بتلك الإنجازات وما تحقق منها، فإننا نؤكد أن ما وصلنا إليه من إنجازات وقرارات مازال دون الطموح والأمل المرجو. وهنا نركز على ما ينبغى أن يكون عليه الاتحاد من العمل الفاعل والمستمر فى متابعة قضايا ومستجدات الأمة وعمل الدراسات الاستباقية لها، وحتما لن يكون ذلك إلا عبر تطوير أعمال ومهام اللجان المتخصصة للاتحاد، وإعطاءها المجال الأوسع لتناول موضوعاتها وعقد اجتماعاتها كل فيما يخصه من قضايا أحداث الأمة على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية .
3- ما هى رؤيتكم لكيفية دعم القضية الفلسطنية فى إطار البرلمانات الإسلامية؟
احتلت قضية فلسطين والأوضاع فى الأراضى المحتلة مكانة الصدارة فى جميع اجتماعات الاتحاد العادية والاستثنائية ـ بوصفها القضية المركزية والمحورية للعالمين الإسلامى والعربي ـ على مختلف مستوياته المتمثلة فى مجلس الاتحاد ومؤتمر الاتحاد واللجنة التنفيذية .
وظهر الاهتمام بالقضية الفلسطينية جلياً فى اختيار القدس رمزاً لشعار اتحاد مجالس الدول الأعضاء فى منظمة المؤتمر الإسلامى أثناء فاعليات الدورة الثانية لمؤتمر الاتحاد التى عقدت بالعاصمة المغربية الرباط يومى 27 و 28 سبتمبر 2001، باعتبار أن القضية الفلسطينية قضية مركزية لجميع المسلمين و العرب.
كما شكلت قضايا حماية المسجد الأقصى من التهديد بهدمه، وجدار الفصل العنصرى الإسرائيلى، واإلزام إسرائيل بتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضى المحتلة ومعاملة السجناء والمعتقلين الفلسطينيين فى سجونها وفق قواعد القانون الدولى الإنسانى، واستئناف العملية السلمية من خلال تفعيل الرباعية فى ضوء الشرعية الدولية وخطة السلام العربية، والتنديد بالحصار المالى والاقتصادى والمفروض على الشعب الفلسطينى فى أعقاب انتخاباته الديمقراطية، وجعل منطقة الشرق الأوسط بكاملها منطقة خالية من جميع أسحله الدمار الشامل وخصوصاً الأسلحة النووية، بنوداً دائمة على مائدة اجتماعات وأعمال مؤتمر الاتحاد ومجلس الاتحاد ولجنة الشئون السياسية والاقتصادية، ومحلاً لاتخاذ العديد من القرارات والتوصيات، لنصرة القضية الفلسطينية.
وتمثلت أبرز القرارات الصادرة فى هذا الشأن فى قرارى مجلس الاتحاد الصادرين بشأن الوضع فى فلسطين المحتلة فى دورتيه العاشرة والحادية عشرة المنعقدتين بالقاهرة والنيجر عامى 2008 و2009 على التوالى.
والقرار الصادر عن مؤتمر الاتحاد فى دورته الخامسة التى انقعدت فى القاهرة يومى 30 و31 يناير 2008 بشأن الوحدة الوطنية الفلسطينية وقضايا القدس الشريف وفلسطين والأراضى المحتلة.
والقرار الصادر عن مجلس الاتحاد فى دورته الاستثنائية الثانية التى عقدت فى مدينة اسطنبول التركية فى 24 مارس 2008 بشأن الوضع فى فلسطين المحتلة والحصار الإسرائيلى المفروض على قطاع غزة.
وبوقوع أحداث مؤثرة على الساحة الشرق أوسطية , وبخاصة العدوان الإسرائيلى الهمجى على قطاع غزة المحاصر الذى أوقع خمسة آلاف فلسطيني ما بين قتيل وجريح، وفى ظل صمت دولى مريب، تنادت مجالس الدول الأعضاء فى منظمة المؤتمر الإسلامي، فجاء الاجتماع الاستثنائي المفتوح العضوية للجنة التنفيذية فى مدينة اسطنبول التركية فى 14 يناير 2009؛ لمواجهة الموقف المتدهور فى قطاع غزة وتداعياته، وهذا الاجتماع الذى يعتبر أول عمل برلمانى تقوم به البلدان الإسلامية بهذا القدر من الأهمية لمواجهة هذه المأساة الإنسانية المروعة.
وخرجت الدول الأعضاء المشاركة فى اجتماع اسطنبول " بإعلان اسطنبول"، الذى خرج بقرارات هادفة ورسم خريطة واضحة للتعامل مع هذه الأزمة الخطيرة وتداعياتها، وجدد الدعم للكفاح العادل للشعب الفلسطينى لاستعادة حقوقه الثابتة غير القابلة للتصرف بما فى ذلك حقه فى العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وطالب المجتمع الدولى ومؤسساته ذات الصلة بتشكيل لجنة لتقصى الحقائق فى انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان والقانون الدولى الإنسانى وتقديم المسئولين عن الانتهاكات للعدالة الدولية. ودعا إلى رفع فورى للحصار المفروض على غزة وفتح جميع المعابر ، والاعتراف بمقاومة الشعب الفلسطينى ضد العدوان.
وطالب الفصائل الفلسطينية بنبذ خلافاتها لضمان تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وخدمة المصالح العليا للشعب الفلسطينى.
وقد تواصلت أعمال المتابعة لتنفيذ قرارات "إعلان اسطنبول " من خلال الكلمات والاجتماعات برؤساء عدد من البرلمانات على هامش المؤتمرات الإقليمية والعالمية وأبرزها مؤتمر" دعم فلسطين رمز المقاومة – غزة ضحية الجريمة" الذى عقد بطهران فى 4 مارس 2009 ، والاجتماع المائة والعشرين للاتحاد البرلماني الدولى الذى عقد بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا فى الفترة من 5-10 أبريل 2009.
كما قامت المجالس الأعضاء بتقديم العون والنصرة للشعب الفلسطينى من خلال التبرع بجزء من مرتبات موظفيها، وإقامة الندوات والمعارض ومهرجانات التأييد والمساندة، وإعلان مشاركاتها فى إعادة بناء ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية، وإعادة بناء المجلس التشريعى فى قطاع غزة، وإرسال الفرق الطبية وتسيير قوافل مساعدات الإغاثة الإنسانية، ومتابعة تقديم مجرمى الحرب الإسرائيليين للعدالة الدولية. فضلاً عن بيانات الشجب والإدانة للعدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة والفظائع غير المسبوقة التى ارتكبتها إسرائيل فى قطاع غزة ضد السكان المدنيين، وإغلاق المعابر، وقطع المعونات والمساعدات العينية وتجويع الشعب الفلسطينى.
كما أصدرت الأمانة العامة للاتحاد العديد من بيانات الشجب والإدانة تضامناً مع الشعب الفلسطينى فى مأساته الإنسانية أبرزها إدانة المجزرة البشعة التى ارتكبتها إسرائيل على شاطىء غزة بحق مدنيين فلسطينيين، وأودت بحياة ثمانية أفراد منهم سبعة شهداء من أسرة واحدة فى 12 يونيو 2006، والإدانة القاطعة لقيام سلطات الاحتلال باعتقال الدكتور عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعى الفلسطينى والمطالبة بالإفراج الفورى عنه وعن سائر أعضاء البرلمان فى 6 أغسطس 2006، وبيان شجب العدوان الإسرائيلى الغاشم على قرية بيت حانون فى شمال قطاع غزة وقتل و إصابة العديد من المدنيين الأمنيين تحت أنقاض بيوتهم فى 6 نوفمبر 2006، وبيان الترحيب ودعم التوصل إلى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية في 18 مارس 2007، وبيان شجب وإدانة الحصار الجائر الذى يفرضه العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة منتهكاً جميع مبادىء حقوق الإنسان فى العيش والحياة الكريمة فى 20 ديسمبر 2008، وبيان شجب وإدانة حكم المحكمة الإسرائيلية الجائر والصادر فى حق الدكتور عبد العزيز الدويك رئيس المجلس التشريعى الفلسطينى بحبسه لثلاثة أعوام فى 20 ديسمبر 2008، والبيان الخاص بإدانة الانتهكات الاسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة وآاخرها المذبحة النكراء التى نفذتها القوات الإسرائيلية الغازية وراح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى من أبناء الشعب الفلسطينى البطل في 27 ديسمبر 2008.
ورغم هذا التفاعل المستمر للاتحاد مع القضية الفلسطينية بصفة عامة، وقضية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة بوجه خاص، إلا أنه يتوجب على الاتحاد تبنى عدة إستراتيجيات لنصرة ودعم القضية الفلسطينية، أبرزها:
1- العمل جاهداً على تذكير المجتمع الدولى بأن الوضع الخطير فى منطقة الشرق الأوسط وفي قطاع غزة على وجه الخصوص يرجع أساساً إلى عدم تناول القضية الفلسطينية بجدية وعدم تطبيق الشرعية الدولية التى تضمن للشعب الفلسطينى الحق فى إقامة دولته المستقلة.
2- مواصلة الجهود المبذولة في إطار الأمم المتحدة والاتحاد البرلمانى الدولى لممارسة الضغوط على إسرائيل، وباعتبارها قوة للاحتلال ، لفك الحصار الشامل المفروض على قطاع غزة، والإفراج فوراً – دون قيد أو شرط – عن جميع السجناء الفلسطينيين، وخصوصاً الدكتور عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعى الفلسطينى وجميع البرلمانيين الأسرى .
3- إنشاء صندوق إسلامى خاص فى إطار الاتحاد لنصرة القضية الفلسطينية، والمشاركة فى عمليات إعادة إعمار قطاع غزة وإعادته مزدهراً كسابق عهده .
4- كيف ترون مستوى العمل التنسيقى للاتحاد فى المحافل الدولية وخصوصاً فى إطار الاتحاد البرلمانى الدولى ؟
كل عمل، مهما كانت طبيعته، قابل للتطور والارتقاء إلى الأفضل. وهنا نؤكد على أن العمل التنسيقى لاتحاد مجالس الدول الأعضاء فى منظمة المؤتمر الإسلامى، متواصل ومثمر من خلال ممثلى البرلمانات الأعضاء فى الاتحاد فى المحافل الدولية وخصوصاً فى إطار الاتحاد البرلمانى الدولى، حيث استمر عقد الاجتماعات التشاورية للمجموعة الإسلامية على هامش جمعيات الاتحاد البرلمانى، وآخرها الجمعية العشرون بعد المائة للاتحاد البرلمانى الدولى التى عقدت بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا فى السادس من أبريل عام 2009؛ بهدف اتخاذ موقف موحد فيما يتعلق بالقضايا ذات الأهمية للأمة فى المحافل الدولية، ودعم الجهود الرامية إلى إقامة حوار مستدام بين البرلمانات الإسلامية والغربية، وتشكيل لجنة دولية لتقصى الحقائق فى انتهاكات إسرائيل غير المسبوقة لحقوق الإنسان والقانون الدولى الإنسانى وتقديم مسئوليها كمجرمى حرب إلى العدالة الدولية وفقاً لما نص عليه إعلان اسطنبول، واعتماد قرار من الأمم المتحدة لإستصدار تشريع دولى يمنع الإساءة إلى الأديان السماوية ورموزها، وتشكيل لجنة تقصى حقائق برلمانية دولية جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة، والدور الدولى للبرلمانيين فى تحقيق ودعم جهود السلام، والاستقرار، والأمن فى الشرق الأوسط.
ورغبة فى النهوض بالعمل التنسيقى للاتحاد فى إطار الاتحاد البرلمانى الدولى ، وإكسابه الصفة الرسمية والمشروعية القانونية، فقد أصدر مؤتمر الاتحاد قراراً فى دورته الخامسة التى انعقدت فى القاهرة يومى 30 و 31 يناير 2008 ، يقضى بضرورة التشاور واتخاذ موقف موحد من قبل البرلمانات الأعضاء فى الاتحاد فى المحافل والمنظمات البرلمانية الدولية وعلى رأسها الاتحاد البرلمانى الدولى.
كما أصدر مجلس الاتحاد إبان دورته الاستثنائية التى عقدت فى اسطنبول بتركيا فى 24 مارس 2008، قراراً بشأن دعم ترشيح رئيس مجلس النواب الإندونيسى لرئاسة الاتحاد البرلمانى الدولى .
ورغم هذه الجهود الحثيثة للارتقاء والنهوض بالعمل التنسيقى للاتحاد، إلا أن النجاحات التى تحققت مازالت دون المأمول، كما أن المجموعة البرلمانية الإسلامية فى الاتحاد البرلمانى الدولى، رغم كبر حجمها بالاتحاد، إلا أنها تعتبر من أقل التجمعات والتنظيمات الإقليمية فى الاتحاد تأثيراً وتفاعلاً على مسار وقرارات الاتحاد البرلمانى الدولى، مما يحتم إعطاء دفعة للعمل التنسيقى من خلال عدة آليات ، يمكن إبراز أهمها فى الآتى:
1- السعى الدءوب إلى تحقيق مزيد من التنسيق مع المجموعتين العربية والآسيوية؛ لمتابعة مطالب وتوصيات المحموعة الإسلامية فى الاجتماعات العامة للاتحاد البرلمانى الدولى.
2- إنشاء هيئة دائمة تتولى التنسيق والتشاور ومتابعة المفاوضات بين الوفود البرلمانية لاتحاد مجالس الدول الأعضاء فى منظمة المؤتمر الإسلامى؛ لاتخاذ موقف موحد خلال الاجتماعات العامة للاتحاد البرلمانى الدولى؛ لنصرة قضايا الأمة الإسلامية والتصدى للتحديات الكثيرة التى تواجهها.
3- الاتفاق على إثارة القضايا العامة والهامة التى تحتل مكانة كبرى لدى كافة الدول الإسلامية ، ولا تحظى بالاتفاق العام.
4- التعامل الإيجابى فى إطار منظومة عمل الاتحاد البرلمانى الدولى من خلال إرادة جماعية وعمل مشترك منظم فى نقل هموم وقضايا الأمة الإسلامية على الصعيد الدولى.
5- ما هو تصوركم لتنشيط عمل الاتحاد وتفعيله بغية ترقية التعاون بين الدول الأعضاء فى المجالات الاقتصادية والتجارية من واقع القرارات الصادرة عن الاتحاد منذ إنشائه ؟
قبل الخوض فى كيفية تنشيط عمل الاتحاد وتفعيله، بغية ترقية التعاون بين الدول الأعضاء فى المجالات الاقتصادية والتجارية ينبغى الإشارة إلى معاناة معظم الدول الإسلامية من الفقر، وتدنى معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فطبقاً لتقارير صادرة عن مؤسسات منظمة المؤتمر الإسلامى تتراوح نسبة الفقر فى 36 دولة من الدول السبع والخمسين أعضاء المنظمة ما بين 20% إلى 60%. ويرتبط ذلك بتدنى مستوى الخدمات الأساسية المقدمة إلى المواطنين كالتعليم والرعاية الصحية.
كما تبرز تحديات إرادة اتخاذ القرار السياسى بالتكامل بين الدول الإسلامية وإرادة التنفيذ، والتنمية البشرية على المستويين القطرى والجماعى، وعصر العولمة والمعلوماتية و التكتلات الاقتصادية. وتكفى الإشارة هنا، إلى أن التجارة البينية بين الدول الإسلامية لا ترقى إلى المستوى المطلوب ، إذ لا تزال نسبتها لا تبرح مكانها بين 13 و 14 % من حجم التجارة العالمية وهى نسبة متدنية جداًَ.
فضلاً عن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التى تسود العالم حالياً وما أفرزته من تداعيات خطيرة على العالم الإسلامى .
وتجاوباً من الاتحاد مع هذه التحديات الاقتصادية والتجارية ، فقد وضع خطة متكاملة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول الأعضاء تستهدف الآتي:
1- زيادة معدلات التبادل التجارى والاستثمارى بين الدول الأعضاء.
2- محاربة الفقر والبطالة وتحسين نوعية الحياة.
3- تشجيع انتقال العمالة.
4- تمويل عمليات التكافل والتضامن عند حدوث الكوارث.
5- التعاون فى مجال نقل التكنولوجيا.
وتحقيقاً لهذه الأهداف، أصدر الاتحاد قرارات بشأن تأثيرات العولمة على اقتصاديات الدول النامية خاصة الإسلامية منها ، أكد فيها ضرورة تحقيق الوحدة الاقتصادية بين الدول الأعضاء، من خلال إقامة سوق إسلامية مشتركة تساهم فى قيام المشروعات الاقتصادية المشتركة ، وتساعد على ربط الأسواق المالية للدول الإسلامية.
وقد شددت هذه القرارات على الدور المحورى للبرلمانات فى صياغة السياسات الاقتصادية والاجتماعية، والعمل الاقتصادى المشترك لامتلاك التكنولوجيا والتنسيق فى مجال تكنولوجيا المعلومات. ومن أجل ذلك ، حثت قرارات مجلس الاتحاد حكومات الدول الأعضاء فى منظمة المؤتمر الإسلامى على إنشاء مجلس اقتصادى واجتماعى إسلامى مهمته تطوير الاقتصاديات الإسلامية ، واقتراح القوانين والتشريعات تحقيقاً لهذا الغرض.
كما أصدر مجلس الاتحاد قرارات هامة فى هذا الصدد ، أبرزها القرارات التى اتخذها فى دورته العاشرة التى عقدت بالقاهرة يومى 27 و 28 يناير 2008 بمتابعة دراسة إنشاء صندوق النقد الإسلامى، وتخصيص مساهمات طوعية لصندوق التضامن الإسلامى لتمويل عملية التكافل والتضامن الإسلامى عند حدوث الكوارث، وشطب أو تخفيف ديون الدول الإسلامية المعسرة اقتصادياً. وتم التأكيد مرة ثانية، إبان انعقاد فاعليات مجلس الاتحاد فى دورته الحادية عشرة التى عقدت بمدينة نيامى بالنيجر يومى 18 و 19 فبراير 2009؛ نظراً لأهميتها .
وقد أكدت هذه القرارات على إيجاد آليات لتمويل المساهمات والمشاريع التنموية فى الدول المحتاجة بصيغ إسلامية – بعيداًَ عن القروض الربوية – مثل المشاركة والمرابحة والمصانعة والمزارعة التى تحقق الهدف المرجو بعيداً عن الديون المباشرة.
كما أن الاتحاد الآن بصدد تنفيذ احد قراراته بمتابعة دراسة لإنشاء صندوق نقد إسلامى.
وعملاً بقرارات مجلس الاتحاد فى دوراته الأخيرة ، وبخاصة الدورة التى عقدت بنيامى فى فبراير 2009، والداعية إلى تشجيع الدول الأعضاء على عقد اتفاقيات ثنائية لتنمية وزيادة التبادل التجارى المشترك، وحث حكومات الدول الأعضاء على إنشاء مجلس اقتصادى واجتماعى إسلامى، فضلاً عن اقتراح تشكيل لجنة فنية لدارسة المشاكل الاقتصادية، فإنه يمكن وضع عدة تصورات لتنشيط عمل الاتحاد بغية ترقية التعاون بين الدول الأعضاء فى المجالات الاقتصادية والتجارية، أبرزها:
1- وضع آلية عمل بمعرفة الخبراء فى المجال الاقتصادى والتجارى، وتشكيل لجنة لمتابعة عمل هذه الآلية من أجل تحقيق نتيجة إيجابية ومحكمة.
2- تنشيط شعيرة الزكاة، وتخصيص 0.7% من الناتج المحلى الإجمالى من الدول الغنية للدول الفقيرة، بما يوفر موارد إضافية تستطيع – إلى جانب الموارد المحلية، وتكريس الإرادة الرشيدة – بناء المدارس والمستشفيات والطرق وإمدادات المياه، وكل ذلك من شأنه القضاء على الفقر.
3- الضغط على الحكومات الإسلامية لتيسير انتقال رؤوس الأموال بين الدول الإسلامية، وتجاوز الخلافات السياسية، بما يتيح مزيداً من فرص الاستثمار الخاص والعام ، ويوفر فى الوقت ذاته موارد للتنمية فى البلدان التى تعاني ندرة أو ضآلة رؤوس الأموال نتيجة انخفاض معدل الادخار .
4- مطالبة الحكومات الإسلامية بالعمل على اتخاذ إجراءات ملموسة؛ لتنمية التجارة البينية بين الدول الأعضاء فى منظمة الؤتمر الإسلامى، وفتح الأسواق أمام التدفق الحر للسلع والخدمات .
5- تعزيز التعاون فى المجال التكنولوجى وخاصة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لما له من مردود إيجابي على كافة القطاعات الاقتصادية الصناعية والزراعية والخدمية، كما أنه سيكفل توفير نوع من التكنولوجيا أكثر ملائمة للبلدان الإسلامية من تلك المستوردة من الغرب بشروط كثيراً ما تكون مجحفة. واستحداث صندوق لدعم وتعزيز البحث العلمى والتطور التكنولوجي .
6- المساهمة فى صياغة استراتيجية إسلامية مشتركة ومتكاملة للتنمية المستدامة ، من خلال إعداد الاستراتيجيات التنفيذية والدراسات المرجعية والبحوث الميدانية والتقارير الدورية حول قضايا التنمية فى الدول الإسلامية، وتقديم حلول متقرحة بشأن التحديات المستقبلية فى العالم الإسلامى.
7- العمل على دعم المشروعات المشتركة بين الدول الإسلامية، وتنسيق خطط التنمية الشاملة فيما بينها؛ بما يسهم فى تحقيق التكامل الاقتصادى.
8- إيجاد مصالح اقتصادية مشتركة قائمة على سيادة كل دولة على مواردها، وإعطاء رأس المال الإسلامي كافة الحوافز والضمانات التى يتمتع بها رأس المال الأجنبى فى الدول الإسلامية ، وتوفير القدر الكافى من الشفافية عن فرص الاستثمار ومجالاته وأثمان السلع والخدمات فى السوق المحلية .
6- ما هو الدور المتوقع أن تلعبه الدبلوماسية البرلمانية فى تقوية العقلاقات الرسمية بين مختلف دول الاتحاد ؟
بديهى أن المطلوب من الدبلوماسية البرلمانية أن تلعب دوراً هاماً فى توثيق روابط التفاهم والتبادل على مستوييى الهيئات التشريعية، والهيئات الحكومية الرسمية. فضلاً عن كونها الإطار المناسب لتشاور ونقاش ممثلى الشعوب فى مختلف القضايا مما يحتم استغلالها الاستغلال الأمثل ابتداءً من أجل تعزيز التضامن والتعاون فيما بين دول الاتحاد، ومروراً بتوحيد الجهود وتنسيق العمل الإسلامى المشترك، وصولاً للهدف الأسمى وهو تحقيق الوحدة الإسلامية الشاملة.
وفى تقديرنا، فقد لعب اتحاد مجالس الدول الأعضاء فى منظمة المؤتمر الإسلامى دوراً كبيراً جداً فى توطيد العلاقات بين الشعوب والحكومات الإسلامية فى آسيا وأفريقيا وأوروبا، إلا أن هذا الدور لم يرق إلى المستوى المأمول.
وفى هذا السياق، فإن برلمانات الدول الإسلامية عليها دور كبير فى استثمار وتوظيف هذه الدبلوماسية من أجل تقوية العلاقات الرسمية بين مختلف دول الاتحاد، ومجابهة التحديات التى تعوق مسيرة التقدم والتنمية والرخاء الإسلامية، وبناء جسور التواصل مع برلمانات الدول الأخرى ، من خلال الفاعليات الآتية:
1- تنسيق الجهود والمبادرات فى المحافل الإقليمية والعالمية ذات الصلة؛ من أجل ضمان ايجاد حلول عادلة ومنصفة لقضايا العالم الإسلامى.
2- التواصل القوى والمؤثر مع السلطات التنفيذية بدول المجلس الأعضاء؛ بغية تحويل قرارات الاتحاد إلى واقع عملى ملموس تظهر آثاره جلية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
3- تفعيل الدور الذى تضطلع به البرلمانات الإسلامية فى ممارسة الدبلوماسية البرلمانية من خلال الاتصالات الثنائية المتواصلة فيما بينها ، وبينها وبين البرلمانات الأخرى، ومد جسور التواصل والتفاهم مع هذه البرلمانات ، لخدمة قضايا الأمة الإسلامية.
4- تقديم حلول ومقترحات بشأن التحديات المستقبلية للعالم الإسلامي، وتوحيد الجهود وتنسيق المواقف والمبادرات بين الدول الأعضاء بالاتحاد؛ من أجل ايجاد نظام موحد تنصهر فى إطاره الثوابت المشتركة للسياسات والخطط الوطنية.
5- التحرك لتحسين العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف فى المجالات التى تعجز فيها الدبلوماسية الرسمية عن التحرك، وبخاصة فى أوقات نشوب الأزمات والحروب وقطع العلاقات الدبلوماسية وغيرها بين بعض الدول الإسلامية.
6- تفعيل لجان الأخوة والصداقة فى البرلمانات الإسلامية وإعطائها أولوية فى برامج البرلمانات من خلال الزيارات المتبادلة، وعقد اللقاءات الثنائية فيما بينها. واستحداث برامج لمد البرلمانات – التى لم يسعفها واقعها للنهوض بعملها التشريعى على الوجه الأكمل– بالعون والمساعدة والتأييد، وعقد الدورات التدريبية المشتركة بين موظفى البرلمانات، وأعضائها؛ بما يسهم فى تبادل الخبرات والنهوض بالعمل الجماعى المشترك.