فيمايلي ردود معالي السيد بولنت أرنتش، الرئيس السابق للجمعية الوطنية التركية الكبرى ورئيس الدورة الرابعة لمؤتمر الاتحاد:
• فلسطين قضية عالمية أيضا
• عالمنا فى حاجة لقيم راسخة وآليات عملية
• التنسيق مهم فى إطار الاتحاد البرلمانى الدولى
س: ما هو تقييمكم لعمل الاتحاد خلال العشر سنوات الماضية ؟
ج: يواجه عالمنا تحديات كبيرة فالعولمة عملية تنطوى على فرص عظيمة ومشكلات كبيرة كما أن قنوات الإتصال الجديدة التى لم تكن موجودة فى الماضي أصبحت تمتد عبر مختلف الثقافات والتقاليد الدينية.
إن القيم الأساسية للثقافة والحضارة الإسلامية هى أيضا قيم عالمية. فالعدالة والسلام والمساوة واحترام الآخر وحكم القانون والمساءلة والعائلة والقيم الأخلاقية قيم تشترك فيها جميع البشرية.
إن مستقبل الأنسانية ورفعته رهين بسيادة هذه القيم المشتركة. إن عالما يتجاهل القيم الأنسانية لا يمكن أن يكون مكانا للتقدم أو الناس المحتضرين. فالعالم الذى لا تحركه هذه القيم يصبح مرتعا للفوضى والأرهاب والحرمان والظلم.
إلى جانب ذلك فأن العولمة تفرز أنماطاً جديدة من التمييز. إن التكلفة الاقتصادية للعولمة أمر يشعر به جميع سكان العالم كما أن العولمة تهدد الهوية الوطنية .
يجب على عالمنا، الذى ما فتىء يتضاءل حجما، أن يبذل مزيدا من الجهد لتحقيق السلام والأستقرار.
ويواجه جميع شعوب العالم مشكلات من قبيل الجوع والجهل ووفيات الأطفال والحروب والأرهاب والتعذيب والأتجار في البشر والمخدرات والظلم الاقتصادي والفساد والتفرقة. ومن أجل حل هذه المشكلات فأننا نحتاج إلى قيام راسخة، من ناحية، وآليات عملية، من ناحية أخرى، ويمثل الاتحاد الذى أنشىء في العام 1999م أحد هذه الآليات العملية. وأرى أن فترة العشر سنوات الأولى التى مضت من عمر الاتحاد تعتبر بمثابة فترة الحبو والمشى للطفل الوليد. وقد إستطاع الاتحاد الذى يقوم على الإرادة الطيبة أن يعالج أوجه القصور لديه ،ان يحتل مكانا مرموقا فى الساحة الدولية ، بما يبذله من جهود للتحسين يوما وراء يوم .
وأعتقد أن الاتحاد سيوفر مزيدا من الخدمات المفيدة لجميع البشرية، ومن بينها العالم الإسلامى، إبان فترة تولى السيد محمود إرول قليج منصب الأمين العام.
س: كيف تقيمون تفاعل الاتحاد مع القضايا الإسلامية عامة ؟
ج: في عالم تسوده العولمة فأن أى مشكلة تبرز في أى بقعة من العالم تصبح مشكلة لجميع الدوائر الدولية. وإذا ما نظرنا إلى بؤر النزاع في الدنيا نلاحظ أنها تقع فى دول أو مجتمعات إسلامية. مثلا، مسألة الشرق الأوسط وقضية الطاقة. بمعنى آخر فأن المشكلات العالمية تثقل كاهل الدول الإسلامية. إن من الشروط المسبقة التى يتعين توفرها فى مجتمع ديمقراطي و حر تسوده المساواة هى تسوية المسائل الأجتماعية عن طريق الآليات العملية. إن توجه الاتحاد، الذى يتكون من ممثلى الشعوب، يختلف عن الدبلوماسية الكلاسيكية فى تسوية المشكلات وبطبيعة الحال فأن توجه البرلمانات فى هذا الصدد مهم أيضا. بيد أن المواقف المختلفة للبدان الإسلامية تؤثر على مواقف الاتحاد. وبالطبع فليس من المتوقع أن يكون لدى 51 بلداً إسلامياً الرأى نفسه ولكن يمكن أن تلتقى حول الحد الأدنى من المصالح المشتركة. وبمناسبة الأزمة اللبنانية للعام 2005 التى أندلعت أثناء فترة رئاستى حاولت أن أعقد إجتماعات لبرلمانات العالم الإسلامى ولكن المحاولة لم تكلل بالنجاح. ولم تكن الأزمة مأساة للاسلام فقط وإنما بالنسبة لجميع البشر.
س: ما هى رؤيتكم لكيفية دعم القضية الفلسطينية فى إطار البرلمانات الإسلامية ؟
ج: القضية الفلسطينية ليست فقط قضية إسلامية بل هى أيضاً قضية عالمية تهدد السلم العالمى. وبدون الخوض فى التفاصيل، هناك الفلسطينيون الذين يكافحون من أجل حقهم فى الحياه إلى جانب الحقوق الأخرى .. وهناك إسرائيل التى تمارس إرهاب الدولة لحرمان الفلسطينيين من هذه الحقوق .
إن الدول الإسلامية التى يبلغ عددها 51 دولة تشكل ثلث عضوية الأمم المتحدة. وبالرغم من ذلك فأن أحاسيس شعوبنا لاتصل إلى الرأى العام الدولى بطريقة صحيحة. و كبرلمانيين يجب علينا أن ندفع حكوماتنا لتنقل هذه الأحاسيس إلى العالم الخارجى.
وفى هذا السياق أود أن أشير إلى أن الوحدة الفلسطينية تكتسب أهمية قصوى لتسوية القضية.
وأعتقد أن الاجتماع الأستثنائى الذى عقده الاتحاد فى أسطنبول بشأن مذبحة غزة فى العام 2009 يعتبر أختباراً جيداًً للبرلمانات الأعضاء.
س: كيف ترون مستوى العمل التنسيقى للاتحاد فى المحافل الدولية ، وخصوصا فى إطار الاتحاد البرلمانى الدولى ؟
ج : إن احدى الوسائل لجعل إتحادنا أكثر إحتراما وفاعلية ليس فقط ضمان التنسيق فيما بين الدول الأعضاء فى منظمة المؤتمر الإسلامى وإنما أيضاً مع المنظمات الدولية الأخرى . ولأجل هذه الغاية فأن التنسيق مهم داخل الاتحاد البرلمانى الدولى وهى أكبر منظمة برلمانية قائمة حاليا . والتنسيق مطلوب أيضاً فى إطار الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط والجمعية البرلمانية الآسيوية .
س: ما هو تصوركم لتنشيط عمل الاتحاد وتفعليه ؟
ج: لقد إتخذ الاتحاد منذ إنشائه بعض القرارات فى مجالى الاقتصاد والتجارة ، وكان من أهمها تلك المتعلقة باقامة منطقة للتجارة الحرة وإنشاء صندوق النقد الإسلامي ومساعدة الدول الأفريقية الفقيرة، كما يجب أن لاننسى أن بوسعنا كبرلمانيين أن نوجه الأجهزة التنفيذية الحكومية، ويمكن النظر إلى هذه القرارات باعتبارها أولى الخطوات للانتقال إلى الممارسة العملية إنطلاقاً من النظم الفكرية.
س: ما هو الدور المتوقع أن تلعبه الدبلوماسية البرلمانية فى تقوية العلاقات الرسمية بين مختلف دول الاتحاد؟
ج: الدبلوماسية البرلمانية ظاهرة تطورت فى الربع الأخير من القرن العشرين، وهى ليست منافسا للدبلوماسية الكلاسيكية بل عنصراً مكملا لها، فالعالم الإسلامى بأعرافه العالمية وتراثه التاريخى المجيد وشعوبه الفتية وهيكله الاجتماعى الديناميكى وموارده الطبيعية يواجه تحديات كما يواجه فرصاً.
يجب على البلدان الإسلامية أن تهدف للاسهام في بناء نظام عالمى منصف.
إن المجتمعات الإسلامية التى تقرأ التطورات العالمية قراءة صحيحه ينبغى عليها أن تكون بناءة وفاعلة بدلا من أن تكون عنصراً تاريخيا سالباً ومتمرداً .
لقد أرست التقاليد الإسلامية مبادئ الأنصاف والحق والمساواة ووضعت الأسس لاستدامة الإدارة بالمشاركة والتمثيل النيابى، وقد تكرست هذه المبادئ جراء تقليد من الإدارة المثمرة والخبرة فى مجال التعددية الثقافية، وبفضل هذه الخبرة يعيش المسلمون فى وئام مع المجتمعات المختلفة .
يجب على المجتمعات والإداريين المسلمين أن يتحلوا بالقيم المعنوية والمادية بغية التغلب على الفقر والاستغلال والجهل والأوبئة وعدم المساواة فى توزيع الثروة.
إن واجب المسلمين فى البدء هو ايجاد الحلول للمشكلات، ويجب عدم توجيه اللوم للآخرين والعيش بنفسية الضحية ومن ثم اللجوء إلى العنف.
إننا كبرلمانيين وممثلين لشعوبنا نرى أن العالم الإسلامى يتمتع بالطاقة والإمكانات للتغلب على المشكلات، إن واجبنا المشترك هو أن نواءم بين قيمنا التاريخية والآليات الفاعلة .
وختاما أتمنى لكم الأحتفال بالكثير من الأعياد العشرية مؤكداً اعتقادى بأن الاتحاد يمكن أن يسهم فى حل المشكلات ويقوى العلاقات فيما بين البرلمانات .