فلسطين: غزة العزة ،،،،، "بين صحوة الضمير وسهوته"

فلسطين:  غزة العزة ،،،،، "بين صحوة الضمير وسهوته"

إنه لشيء مقرف وشيء مؤسف أن تحيا إلى زمن ترى فيه العالم يعيش من غير ضمير، ويسعى من غير أخلاق، ويتواصى بغير الحق وبغير الصبر. شيء مؤسف ومقرف أن ترى الكثير من الحكومات و المؤسسات وقد فقدت أي ملمح للحرية، ودخلت في القطيع الذي يرعاه الكيان الصهيوني الهجين الغاصب الذي لن يستطيع أن يحيا ساعة واحدة على غير دماء الأبرياء، وعلى غير جراحات المستضعفين الباحثين عن نصيبهم من الحياة الحرة والكرامة في عالم قد صار دغلا، تجد فيه كل شيء إلا الحرية والكرامة.

مرة أخرى -وكسابق المرات- تكشف الصهيونية العالمية عن وجهها القبيح وعن طبعها الدموي وعن منهجها العنصري، وعن منطقها الإجرامي الذي لا يرقب في الإنسان إلا ولا ذمة، ومن أين لها بالإل أو العهد والذمة، وكل أعصابها ملأى بجرائم ضد الأنبياء وضد الأولياء والأطفال، كيف لايكون منهم ، وهم الذين يقرؤون في كتابهم "المقدس": (فالآن إذهب واضرب عماليق، وحرموا كل ماله، ولاتعف عنهم، بل اقتل رجلا وامرأة وطفلا ورضيعا وبقرا، جملا وحمارا)" سفر صموئيل" . كيف لا يحرق غزة، وكيف لا يذبح أطفال غزة، وكيف لايقتل شيوخ غزة وكل مافيه نسمة من حياة، الذي يعبد ربه بمثل هذا الكلام !. إن إقامة الكيان الصهيوني جاء معبرا عن تشوه بنيوي عميق في الروح والضمير الغربيين، والذي راح يتمظهر في أزمان حادة تطحن هذا الشرق منذ مؤتمر "كليرمونت" سنة 1905، مرورا بصرخة الجنرال غورو، مع تسجيل الإنعطاف الحاسم في وعد "بلفور"، عندما وعد من لا يملك من لا يستحق، وتمت الصفقة، وبدأت الردة القيمية وكانت النكسة الأخلاقية و إنتكاسة الضمير، وفقد العالم بوصلة الهدى ودخل في مرحلة الزيف والتزييف.

إن الذي يحدث في غزة العزة، غزة الشاهدة والشهيدة، غزة الصابرة والمصابرة، والمراغمة والمقاومة، إن هذا كله يشهد بصدق مقاربة الصراع العربي الإسرائيلي، والذي صار الإنساني/ الأمريكي. إنه صراع الإنسان ضد الوحش الذي إستيقظ في أعماق المستكبرين، من الذين يظنون أنهم بالمال يستطيعون شراء الذمم، وبالسلاح يستطيعون إركاع الهمم !!. نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، وأنى لفلسطين أن تصير ظالمة، وهي تقاوم في سبيل الحرية وأصالة الإنسان. نعم- كما قالها سابقونا، نقولها وسنوصي بها لاحقينا " نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة". لكن الذي يؤذي النفس ويدمي القلب ويؤنب الضمير، هو أن ترى الظالمين الطغاة جادين في ظلمهم، متحالفين فيه، متفقين عليه، بينما ترى المظلومين -ومن هوفي حزبهم- هازئين بمظلوميتهم مختلفين فيها، متنافرين حولها، فأنى ينصرون وكيف ينتصرون !؟ إنه عجب عجاب !!!!. إن غزة وهي تفضح الرأي العالمي، إستطاعت أن توحد كل شعوب العالم حول قضية مركزية، وهي قضية العدل و الحرية، ولا أدل على هذا من هذا الطوفان العارم من المظاهرات التي هزت كل مدن الدنيا، منتصرة لغزة وقضيتها، منددة بغطرسة الصهيونية وحليفها الإستكبار العالمي، الذي لا يعيش إلا على الحروب والأشلاء والجيف.

ليس بيننا وبين غزة حدود لنجتازها أو معابر لنعبرها، بيننا وبينها يقظة ضمير، و وشيجة دين، ورابطة عرق، وشرف موقف وتقاطع مصير، ونصرة في السر والعلن وفي كل المحافل.

لغزة منا النصرة الدائمة، وألا نتاجر باسمها، وألا نرمي بعدالة قضيتها عرضا من أعراض الحياة الدنيا كما يفعل الكثيرون.

لغزة منا أن نبقى رهن إشارتها وطوع بنانها، ولها منا أن تجدنا دائما في الموقع المناسب في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة،"وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون."

إنا لنقدر أنه بتحرير فلسطين، ستعيش الإنسانية السلام العالمي القائم على القيم وليس على المصالح، لأن فلسطين ليست معركة شعب أو قوم أو متدينين من هذه الملة أو تلك، إنما هي معركة "المشترك القيمي الإنساني" ولذا ستبقى الإنسانية "كقيمة" ناقصة في الإنسان "كمخلوق" مالم يشهد لفلسطين "بالمظلومية" ويعلن عن جهوزيته للنصرة الفاصلة.

الأستاذ محمد يزيد بن حمودة

عضو المجلس الشعبي الوطني -الجزائر

آخر الأخبار