«المجالس»: كيف يمكن تعزيز دور المرأة والشباب في السياسات الاقتصادية الإفريقية، انطلاقًا من تجارب ناجحة كالتجربة السنغالية؟
رئيس الجمعية الوطنية: لقد أدركت جمهورية السنغال منذ وقت مبكر أن التنمية الاقتصادية الشاملة لا يمكن أن تتحقق دون المشاركة الفاعلة والكاملة لكل من النساء والشباب. ومن خلال سياسات موجهة بعناية، مثل برنامج تعزيز ريادة الأعمال لدى الشباب والنساء وصندوق التمويل السريع لريادة الأعمال، تمكنت السنغال من تحفيز الابتكار وتوفير فرص العمل لهذين الفئتين اللتين غالبًا ما تعانيان من التهميش. أما من أجل تعزيز هذه الديناميكية على المستوى القاري، نقترح ما يلي:
توسيع نطاق صناديق الاستثمار الإفريقية المخصصة لريادة الأعمال النسائية والشبابية؛
الربط بين حاضنات الأعمال ومراكز التدريب التقني في مختلف أنحاء إفريقيا؛
إدماج مبدأ المساواة بين الجنسين والشباب بشكل منهجي في عمليات إعداد الميزانيات المراعية للجنس؛
وتكمن طموحاتنا في جعل النساء والشباب شركاء حقيقيين في رسم السياسات الاقتصادية العامة، من خلال منحهم مقعدًا على طاولة اتخاذ القرارات.
«المجالس»: في ظل التطور الاقتصادي الذي تشهده السنغال، كيف يمكن تعزيز الشراكات جنوب-جنوب بين السنغال والدول الإسلامية الإفريقية الأخرى لتحقيق تنمية متكاملة ومستدامة؟
رئيس الجمعية الوطنية: بفضل استقرارها نموذجها التنموي المرن، تلعب السنغال دورًا محوريًا في ترسيخ الشراكات بين دول الجنوب، لا سيما مع الدول الإفريقية الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. وينبغي لتلك الشراكات، بطبيعة الحال، أن تتجاوز حدود إعلانات المبادئ، لكي تتحول إلى أدوات حقيقية للتعاون المثمر. وفي هذا الصدد، نستحضر النداء القوي الذي أطلقه فخامة الرئيس باسيرو ديومي خلال الدورة الخامسة عشرة لقمة منظمة التعاون الإسلامي، والذي دعا فيه إلى تعاون ديناميكي وبنَّـاء يترجم فعليًا يقوم على استغلال وتنمية الثروات البشرية والطبيعية والمالية الهائلة التي أنعم الله بها على الأمة الإسلامية. وفي هذا الإطار، تدعو السنغال إلى تبني مبادرات من قبيل:
إنشاء صندوق استثماري إسلامي مشترك لتمويل المشاريع الاستراتيجية في مجالات الزراعة والطاقة وصناعة الحلال وتكنولوجيا المعلومات والاتصال؛
إقامة مناطق اقتصادية خاصة مشتركة تُعنى بالإنتاج والتحويل والتصدير للسلع ذات القيمة المضافة العالية؛
تكثيف تبادل الخبرات البرلمانية والفنية لمواءمة الأطر القانونية وتسهيل الاستثمارات البينية في منظمة التعاون الإسلامي.
«المجالس»: ما هي الآليات العملية التي يمكن أن تعتمدها البرلمانات الإسلامية للضغط على المجتمع الدولي من أجل وقف العدوان الإسرائيلي ورفع الحصار عن غزة؟
رئيس الجمعية الوطنية: في ظل العدوان المتواصل على غزة والحصار غير الإنساني المفروض على السكان المدنيين، تتحمّل مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي مسؤولية أخلاقية وسياسية، تتطلب منها تجاوز حدود البيانات الرمزية.
وفي هذا الصدد، فإن موقف جمهورية السنغال واضح وصريح، ولا يقتصر على الإدانات والدعم المتواصل للقرارات والعقوبات العديدة ضد السلطة القائمة بالاحتلال. ومؤخراً، في شهر يوليو، استضافت بلادنا المؤتمر الدولي حول قضية القدس، الذي نُظّم بالاشتراك بين منظمة الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي. وقبل ذلك، شاركتُ شخصياً، بدعوة من نظيري التركي، في اجتماع مجموعة الدعم البرلماني للقضية الفلسطينية. وبالإمكان توخي آليات ملموسة أخرى، وعلى وجه الخصوص:
إنشاء لجنة برلمانية دائمة خاصة بفلسطين، تُـعنى بإسماع صوت شعوب منظمة التعاون الإسلامي في جميع المحافل الدولية؛
تنظيم تحرك برلماني منسق للمطالبة بفرض عقوبات ضد انتهاكات للقانون الدولي الإنساني؛
تعزيز الدبلوماسية البرلمانية باعتبارها أداة مقاومة ووسيلة للتضامن الفعّال مع الشعب الفلسطيني.
«المجالس»: كيف يمكن الموازنة بين الاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي وضرورة الحفاظ على الطابع الإنساني في العمل البرلماني واتخاذ القرار السياسي؟
رئيس الجمعية الوطنية: يفتح تطور الذكاء الاصطناعي آفاقًا واسعة أمام المؤسسات البرلمانية، من حيث تعزيز الشفافية، وتطوير الإدارة الذكية للوثائق، ودعم تحليل السياسات العامة وغيرها. غير أنه من الضروري التأكيد على ألا تحجب الآلة وعي الإنسان، وألا تهمّش ضميره في مسار القرار السياسي.
وفي هذا السياق، ينبغي على مؤسساتنا البرلمانية تبني مقاربة متوازنة تقوم على ما يلي:
إدماج الذكاء الاصطناعي في الآليات البرلمانية، مع ضمان السيطرة البشرية على اتخاذ القرارات الحاسمة.؛
اعتماد أطر تشريعية وأخلاقية تراعي احترام الخصوصية وعدم التمييز وتحمل المسؤولية؛
إنشاء لجان برلمانية معنية بالذكاء الاصطناعي والأخلاقيات الرقمية، بغية توقع التجاوزات وضمان توجيه الذكاء الاصطناعي نحو خدمة الصالح العام.
يجب أن تظل التكنولوجيا أداة في خدمة البشرية، وليست غاية في حد ذاتها. ويقع على عاتقنا واجب حماية الطابع الإنساني للقرار السياسي في عالم باتت فيه الأتمتة تفرض حضورها على مختلف الأصعدة.