بسم الله الرحمن الرحیم والصلاة والسلام
على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
- صاحب المعالي /الأستاذ صالح قوجيل
رئيس مجلس الأمة الجزائري
- صاحب المعالي الأستاذ ابراهيم بوغالي
رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري
- أصحاب المعالي رؤساء المجالس ورؤساء وأعضاء الوفود المشاركة
- أصحاب السعادة أعضاء مجلس الأمة والمجلس الشعبى الوطني فى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
- أصحاب السعادة السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية
- سيداتى – سادتى؛
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته؛
إنه لتغمرنا السعادة ان نلتقي اليوم على أرض الجزائر. أرض المليون ونصف المليون شهيد، أرض العزة والكرامة، أرض المجد التليد، أرض الشهامة والإباء، نلتقى على أرض الجزائر في الدورة السابعة عشرة لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، واملنا كبير في ان هذه الدورة ستكون دورة ناجحة، وأن الرئاسة الجزائرية ستقطع بنا اشواطا نحو تحقيق الأهداف التى انشئ من اجلها هذا الاتحاد.
ويشرفنا أن يكون هذا المؤتمر تحت الرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد عبدالمجيد تبون ، وهو ما يبرهن على اهتمام الدولة الجزائرية باتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
وإنني اتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لفخامة رئيس الجمهورية، ومن خلاله للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية على ما بذلت وتبذل لصالح الاتحاد، وخاصة المشاركة الفاعلة في نشاطات الاتحاد، وإننا نعلق آمالا كبيرة على الجزائر، خاصة في هذه الفترة التي يحتاج فيها العالم الإسلامي إلى مزيد من التفاهم والتقارب والتضامن والإنسجام.
وأخص بالشكر صاحب المعالى الأستاذ ابراهيم بوغالي، رئيس المجلس الشعبي الوطني، الذي كان شريكنا خلال التحضير لأعمال هذا المؤتمر، وكذلك لصاحب المعالي الأستاذ صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة الذي أكد لنا دائما أن البرلمان الجزائري (بغرفتيه) يولي اهتماما كبيرا لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
وتجلى ذلك الاهتمام في امور عديدة، ومنها انعقاد هذا المؤتمر في الجزائر، فقد كان مقررا أصلا انعقاده في تونس، لكن الظروف الطارئة في تونس حالت دون ذلك، فتقدمت الجزائر بطلب استضافته، واحتضنت في مارس 2022 اجتماع اللجنة التنفيذية التى قررت بالاجماع عقد هذا المؤتمر بالجمهورية الجزائرية.
وإننا نتقدم بالشكر الجزيل لمعالى البروفسور مصطفى شنتوب، رئيس الجمعية الوطنية التركية الكبرى ومن خلاله للبرلمان التركي، الذي احتضن الدورة السابقة لمؤتمر الاتحاد، بأسطنبول في ديسمبر 2021، وكان مؤتمرا ناحجا باعتباره أول مؤتمر يعقده الاتحاد بعد جائحة كوفيد.
- أصحاب المعالى
- أصحاب السعادة
سيداتي -سادتي
لقد اختار البرلمان الجزائري الموقر لهذا المؤتمر موضوع: "العالم الإسلامي ورهانات العصرنة والتنمية" ولاشك أن عالمنا الإسلامي يسعى إلى كسب هذه الرهانات الملحة في حياتنا المعاصرة؛ فعالمنا الإسلامي يحوى أعظم ثروات الأرض، ويسكنه ملياري نسمة من سكان العالم، ويمتد على مساحة استراتيجية وواسعة من الكرة الأرضية. ومع ذلك توجد فيه اكثر دول العالم فقرا، واشدها اضطرابا، مما جعل جل المهاجرين منه، وقد هاجروا هروبا من الصراعات والمجاعات، وبحثا عن حياة أفضل.
إن العالم الإسلامي مؤهل ليكسب رهان التنمية، وهناك امثلة حية على ذلك، ومؤهل ليمتلك ناصية التكنولوجيا، بما لديه من كفاءات وعلماء فى مختلف المجالات، تعتمد عليهم الكثير من المؤسسات الكبرى في العالم.
فقد كانت هجرة العقول من أعظم ما يعيق التنمية في عالمنا الإسلامي، حيث ان بيئة العمل عندنا طاردة فى الغالب، في حين أنه توجد لدى غيرنا بيئة عمل جاذبة.
من هنا اود أن أؤكد على أنه من اجل كسب هذه الرهانات لابد فى العالم الإسلامي من الإهتمام بالشباب الذي هو القوة الحية في مجتمعاتنا؛ فالهجرة ليست هجرة كفاءات فقط، بل هي كذلك هجرة عاطلين عن العمل ممن لامهن لهم، ونراهم يهربون من بلدانهم في زوارق الموت عبر المحيطات، ونرى الناجين منهم يعيشون في أوضاع مهينة.
وإن من مخاطر الهجرة، أنها قد تعرض الشباب المهاجر للخروج من دينه، وهذه خسارة له وللأمة، كما انها قد تكون سبيلا إلى الدخول في الشبكات الدولية للاتجار بالمخدرات، وفي ذلك ما فيه من خطر على الأمة، كما أن المهاجر قد يعود إلى وطنه، مشككا في دين مجتمعه المسلم، وهو ما يسبب الفتنة في مجتمعاتنا.
وعلى العموم فإن وضع عالمنا الإسلامي، ووضع العالم من حولنا، يدعو إلى وقفة تأمل؛ فهناك متناقضات تدعو إلى الاستغراب! فإنه على الرغم من كثرة الأرزاق والخيرات فان الفقر مازال منتشرا، وعلى الرغم من تطور العلوم والتكنولوجيا فى صناعة الأدويه فإن الأمراض والاوبئة كثرت وتنوعت، وعلى الرغم من انتشار العلوم وتطور الأدوات والوسائل لتحصيل العلم فإن الجهل ما زال سائدا. ولله فى خلقه شؤون.
سيداتي –سادتي
ما تزال القضية الفلسطينية قضية المسلمين المركزية؛ لأنها مأساة شعب يعاني من الظلم منذ أكثر من سبعين عاما، على يد الكيان الصهيوني الغاصب الذى يصعد كل يوم من اعتداءاته فى كل فلسطين، وخاصة فى مدينة القدس، حيث المسجد الأقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى سيدنا ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام.
وإن الشعب الفلسطيني البطل يواجه العدوان ببسالة ويدافع عن مقدسات الأمة، وإنه يستحق علينا أن نقف معه وندعمه ونؤازره؛ فهذا واجب كل الدول الإسلامية.
واذا كنا؛ لانرضي عن وقوف المجتمع الدولي مكتوف الأيدي امام تحدى اسرائيل له، من خلال رفضها تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الداعية إلى انهاء الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، فإننا – في ذات الوقت- نرحب بالقرارات الأممية الآخيرة حول القضية الفلسطينية، خاصة القرار الذي يطلب من محكمة العدل الدولية أن تصدر رأيا استشاريا بشأن الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك اسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني فى تقرير المصير، وعن احتلالها طويل الأمد الأرض الفلسطينية وعن الآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة.
نعم، لقد اصدرت الأمم المتحدة العديد من القرارات لصالح القضية الفلسطينية وظلت حبرا على ورق، لكننا نتمنى أن تتجه الأمور الى تنفيذ هذه القرارات، ونطلب من دولنا الإسلامية في الأمم المتحدة دعم هذا الاتجاه، لأنه ليس من الغريب أن يكرهك عدوك، لكن من الغريب أن تكره نفسك، فمن غير المقبول الاستمرار في الكيل بمكيالين.
سيداتي- سادتي
ما إن اختفت جائحة كوفيد، أو كادت تختفي، حتى جاءت الحرب بين أوكرانيا وروسيا، لتؤثر على امدادات الغذاء والطاقة في العالم، مما كان له انعكاس سيء على دول العالم عموماَ وعلى الدول السائرة في طريق النمو خصوصا.
وكانت دول عالمنا الإسلامي ومازالت ضحية لهذه الاضطرابات، في حين ان السلم العالمي مهدد اذا استمرت هذه الحرب؛ لذلك فإننا ندعو كل الدول المحبة للسلام فى هذا العالم إلى السعي من أجل وقف هذه الحرب والجنوح إلى السلام. ونشيد بالجهود التى تقوم بها تركيا في هذا الصدد. ونثمن ما قامت به المملكة العربية السعودية من اجراءات لحماية مصالحها، ومصالح المنتجين والمستهلكين، من تقلبات اسعار الطاقة فى العالم بسبب الحرب القائمة بين اوكرانيا وروسيا.
أيها الجمع الكريم؛
لقد حققت دولة قطر نجاحا باهرا في تنظيمها لمباريات كأس العالم، خلال شهر ديسمبر الماضي، كأول دولة من دول الاتحاد تحتضن كأس العالم. واننا نهنئ قطر على ذلك، وعلى اشاعتها للقيم الثقافية والحضارية للأمة الإسلامية، خلال هذه التظاهرات العالمية.
واسمحوا لى، فى الآخير، ان اجدد الشكر لدولة الجزائر، رئيسا وبرلمانا وحكومة وشعبا، على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وعلى احتضانها هذا المؤتمر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته