كلمة السيد الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب، رئيس اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في افتتاح أشغال الاجتماع الاستثنائي الثالث للجنة التنفيذية للاتحاد.
السيدة Rebecca Kadaga Alitwala، رئيسة برلمان جمهورية أوغندا
الزميلات والزملاء أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد
الزميلات والزملاء ممثلي الشعب
السيد الأمين العام
السيد الأمين العام المساعد
السيدات والسادة
أود في البداية أن أرحب بكم، وأشكركم على استجابتِكُمْ لدعوتِنَا للمشاركة في هذه الدورة الاستثنائية للجنة التنفيذية لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وهي استجابةٌ تعكس إدراكَنَا الجماعي لحجم التحديات التي تُواجِهُ عالـمَنَا الإسلامي، وعَزْمَنَا المشترك في الاتحاد على المساهمة في تقديم الأجوبة الضرورية على الأسئلة الحارقة التي تواجهُ بُلْدَانَنَا شعوباً ودولاً وبرلمانات ونُخَباً.
لقد مرت أربعة أشهر على انعقاد أشغال الدورة 14 لمؤتمر الاتحاد هنا في الرباط. وإذا كانت التحديات الإستراتيجية، السياسية والأمنية والاقتصادية التي تواجه بلداننا، هي ذاتُها، إن لم تَكُنْ ازدادت تعقيداً، فإِنَّ جوابنا الجماعي عليها في إطارِ الاتحاد، ينبغي أن يكونَ نَاضجاً، توافقياً، واقعياً وناجعاً. من أجل ذلك، استثْمَرْنَا الوقت الكافي من أجل صياغة مشروع خطة عمل مرحلية للاتحاد بتنسيقٍ وعملٍ مشتركٍ مع الأمانة العامة. ووفاءً للنهجِ الذي آلَيْنَا على أَنْفُسِنَا اعتمادَهُ خلال فترةِ رئاسَتِنَا للاتحاد، والمتمثل في التوافق والاشْراك والعمل الجماعي، دَعَوْنَا إلى اجتماع اللجنة التنفيذية الاستثنائي، هذا، من أجل اعتماد خطة عمل خلال الفترة ما بين دَوْرَتَـيْ مؤتمر الاتحاد، والمبادرات التي ينبغي تنفيذُها - بعد أن نتفق - والإجراءات التي ينبغي اتخاذُها.
ويشرفني أن أعرض أمامكم بعضاً من الخطوط العريضة لهذه الخطة والمبادرات التي تتضمنها والتي أطلعنا الأمانة العامة للاتحاد عليها وأشْركنَاها فيها منذ ثلاثة أشهر. وفي سياق ذلك، أؤكد لكم أن هذه الخطة ترتكز على، وتتوخى منهجياً، تحقيق الأهداف التالية :
1- النجاعة والفعالية في أعمال الاتحاد؛
2- البحث عن التوافق بين أعضائه بشأن القضايا التي يتعاطى معها؛
3- تكريس استقلالية الاتحاد كمنظمة برلمانية متعددة الأطراف؛
4- التفاعل السياسي المؤثر مع ما يُسْتَجَدُّ من أحداث على مستوى العالم الاسلامي وفي السياقات الاقليمية؛
5- تكثيف الاتصالات والحوار مع المنظمات البرلمانية المتعددة الأطراف من خارج العالم الإسلامي بما يُيَسِّرُ الدفاع عن القضايا العادلة للشعوب الإسلامية وتصحيح الصورة الخاطئة التي تُعْطَى عن الإسلام والمسلمين، ومحاربة الإرهاب والتطرف والتعصب.
6- العمل من أجل أن تكونَ الديمقراطيةُ والمشاركة أُفُقاً وهدفاً مركزياً من أهداف الاتحاد بما يقوي ويعزز مصداقيته ويكرس استقلاليته كإطار متعدد الأطراف يعكسُ التنوعَ والامتداد المجالي للعالم الإسلامي، ومكانته الجيوسياسية وحَجْمَه الديموغرافي.
على هذا الأساس، اسمحوا لي أن أتقدم ببعض المقترحات.
أما أول المقترحات، فإنه من الطبيعي، ومن باب المسؤولية التاريخية، أن يتعلق بالقضية الفلسطينية، التي تمر بظروف خطيرة جداً، لا يوازيها، في اعتقادنا، سوى مرحلة الشروع في التطبيق العملي للمخطط الصهيوني بتنفيذ وعد بلفور المشؤوم وتقسيم فلسطين التاريخية وإقامة دولة الاحتلال.
ولستُ في حاجة إلى التذكير بمخططات التصفية، التي تتعرض لها قضية الشعب الفلسطيني والقمع الشرس الذي يتعرض له هذا الشعب البطل، المكافح من أجل حقوقه التاريخية في دولته المستقلة وعاصمتُها القدس الشريف، وعودة اللاجئين وغيرها عن الحقوق غير القابلة للتصرف.
ويتمثل اقتراحنا، في هذا الإطار، في إحداث "جائزة فلسطين للديموقراطية والعدالة التاريخية". وبعد توافقنا على هذه المبادرة، أقترحُ أن يُصَارَ إلى صياغةِ أرضيةٍ للجائرة : سياقُها وفَلْسَفَتُـها وأهدافُها وشروطُ مَنْحِها ونظامُها. وتتوخى هذه المبادرة تحقيق ما يلي :
1- استعادة الزخم إلى الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية في سياق إقليمي ودولي غطَّت أحداثُه على هذه القضية وجعلت الاحتلال ينفرد بالشعب الفلسطيني،
و2- تذكير المجموعة الدولية، وخاصة المجموعة البرلمانية الدولية، بمشروعية حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف،
و3- التعريف بعدالة القضية الفِلسطينية وبشرعية الكفاح الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال، وبأن نضال الشعب الفلسطيني، نضالٌ مشروع ومرتبط بوجود الاحتلال.
و4- تشجيع البرلمانات الوطنية في العالم الإسلامي والبرلمانات الوطنية في البلدان غير الإسلامية، والمنظمات البرلمانية المتعددة الأطراف على اتخاذ المبادرات السياسية واعتماد المواقف المساندة لِـمَشْرُوعية القضية الفلسطينية ودعم نضال الشعب الفلسطيني المشروع.
ثاني المقترحات يتمثل في العمل مع منظمة الأمم المتحدة من أجل تحديد واعتماد يوم عالمي سنوي لمناهضة التخويف من الإسلام والمسلمين، أو ما يسمى بالاسلاموفبيا، والتعصب، ومن أجل التسامح وحوار الحضارات من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويتعين علينا في هذا الصدد تعبئةُ الجهودِ الدبلوماسية لِبُلْدانِنَا، وإشراكُ المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) ومنظمة اليونسكو، في هذا المسعى، والتقدم باقتراح باسم المجموعة الإسلامية في الأمم المتحدة في هذا الاتجاه وتعبئة حلفائنا وأصدقائنا والقوى المحبة للعدل والسلم والتسامح لتحقيق هذا الهدف.
ونتطلعُ إلى أن يكونَ هذا اليومُ مناسبةً دوليةً للدعوة إلى التسامح والتعايش والتعريف باعتدال الدين الإسلامي ورفضِ الخطابات التي تُلْصَقُ بالإسلام والمسلمين، والتي تَتَّخِذُ إيديولوجية الترهيب والتخويف من الإسلام، عقيدةً لها، والتصدي للتطرف والتعصب.
ويتمثل الاقتراح المركزي الثالث في تنشيط اللجان المتخصصة والفرعية خلال الفترة الفاصلة بين دَوْرَتَيْ المؤتمر على أن تُتَوَّجَ أشغالُها بمشاريع توصيات وقرارات تُعرض على المؤتمر العام. وسيكون الهدف من ذلك هو إنضاج التوافق حول التوصيات والقرارات بعد تعميق النقاش بشأنها على مستوى اللجان، والحرص على حَصْرِ المواضيع التي تشتغل عليها اللجان في مواضيعَ بِعَيْنِـها.
ويُقترحُ أن تنعقدُ اللجانُ حول مواضيع تَحْظَـى بالأولوية في العالم الإسلامي (كل لجنة حسب مجال اختصاصها). ويمكنُ أن يشارك في هذه الاجتماعات، إلى جانب البرلمانيين الأعضاء، مسؤولون حكوميون، وخبراء جامعيون ومن مراكز البحث متخصصون في الموضوع، حتى نكونَ في اتحادنا أمام رُؤًى متنوعة يمكن أن تقوي أشغالنا، وحتى نتمكن من تنويع الجسور مع مجتمعَاتِنا.
ويُقْتَرَحُ أن تكونَ الاجتماعات الأولى للجان على النحو التالي :
اجتماع اللجنة التنفيذية بأوغندا، إعمالا لقرار مؤتمر الاتحاد في دورته 14.
اجتماع لجنة الشؤون السياسية والعلاقات الخارجية في البلد الذي سيتقدم بطلب رسمي لاحتضانه.
لجنة الشؤون الاقتصادية وشؤون البيئة، ويُقترح أن تجتمع في بلد إفريقي من جنوب الصحراء في إشارة إلى التضامن مع بلدان إفريقيا المتضررة من الاختلالات المناخية وفي سعيها إلى التنمية المستدامة. ويدخل ذلك في إطار الترافع البرلماني من أجل العدالة المناخية لإفريقيا.
لجنة حقوق الإنسان والمرأة والأسرة، ويُقْتَرَحُ أن تجتمع – إذا كان ذلك ممكناً - بتونس في إشارة إلى تثمين إصلاحات هذا البلد في ما يخص حقوق النساء.
لجنة الشؤون الثقافية والقانونية و حوار الحضارات والأديان، ويُقْتَرَحُ أن يستضيفَ اجتماعَها بلدٌ من وسط آسيا.
لجنة فلسطين، ويُقْتَرَحُ أن تنعقد بالرباط اعتبارا لرئاسة جلالة الملك محمد السادس، نصره الله للجنة القدس، ولِـمَا تَحْتَلُّه قضيةُ فلسطين في المغرب وفي باقي البلدان الإسلامية، من مكانة سياسة وروحية.
ويُقترحُ أن تنكبَّ اللجان خلال اجتماعاتها المقبلة على تدقيق تقاريرها وقراراتها المعتمدة خلال الدورة 14 لمؤتمر الاتحاد الذي انعقد بالرباط خلال الفترة ما بين 11 و14 مارس 2019، من أجل استنتاج خلاصات تركيبية محينة تقدمُ في شكل توصيات وقرارات يتم إنضاج التوافق بشأنها وإغناؤها وتحيينها في أفق المؤتمر المقبل للاتحاد.
ويتمثل رابع المقترحات في الدعوة إلى عقد مؤتمر موسع استثنائي للنساء البرلمانيات العضوات في برلمانات الدول الأعضاء على أن تتجاوز المشاركة فيه الأعضاء / العضوات النظاميات في هياكل الاتحاد، ويَبْحَثَ مواضيع ذات صلة بتيسير المشاركة السياسية للنساء وتبادل الخبرات وتقديم دراسات مقارنة في شأن الأنظمة الـمُيَسِّرة لولوج النساء إلى المؤسسات المنتخبة.
وما من شك في أن هذا المؤتمر الموسع سيبعثُ بعدة رسائل إلى مجتمعاتنا، ونخبنا، وإلى شركائنا، وإلى العالم، بأن التَّمَثُّلاَتِ إزاءَ مكانةِ وأدوارِ المرأة في العالم الإسلامي، لا تعكسُ الحقيقة، وأن مكاسبَ عديدةً تحققت على هذا الطريق، وينبغي أن نُرَصِّدَها على نحو جماعي ونستفيدَ على نحوٍ متبادلٍ من بعضنا، ومن العالم، بشأن المشاركة السياسية للنساء.
وللتذكير فإن القاعدة 6 من اللائحة التنظيمية لأعمال مؤتمر البرلمانيات المسلمات للاتحاد تجيز لأي من أعضاء المؤتمر البرلمانيات المسلمات طلب استضافة مؤتمر استثنائي.
أما الاقتراح الخامس، فيتمثل في سلسلة إجراءات ينبغي أن تجعل مؤتمر الاتحاد العادي فضاءً للنقاش واعتماد الوثائق التي ينبغي أن يحصلَ التوافق بشأنها في إطار اللجان كمشاريع قرارات أو توصيات، تَوَافُقٌ ينبغي إنْضَاجُه مُسبقاً بعيداً عن ضغط المؤتمر، ويُمَكِّنُنَا من تجويد ما نتفقُ عليه، بِأَنْ يكون قابلا للإنجاز، وإيجابيا وبَنَّاءاً، مُوَحِّداً جامعاً للكلمة، ويمكن أن يكون له أثر في القرار الدولي، والوَقْعُ لدى المنظمات البرلمانية المتعددة الأطراف.
في هذا الصدد، يمكن أن يكون الإعلان الختامي الصادر باسم عاصمة البلد تقليداً نسجل فيه المواقف المتوافق بشأنها حول القضايا التي هي موضوع انشغال بلداننا وشعوبنا، على أن يستوعبَ مجموع النقاش العام في اللجان والمؤتمر، وعلى أن يكون البيان العام بمثابة ملخص تركيبي لتقارير اللجان، ويُعْتَمَدَ كوثيقة مركزية ومرجعية تَدَوَّنُ فيه التحفظات الممكنة.
السيدة الرئيسة
الزميلات والزملاء
السيد الأمين العام
سيكونُ علينا تكثيفُ الاتصالات مع المنظمات البرلمانية المتعددة الأطراف للتعريف بقضايانا والدفاع عن حقوقنا. وأعتقد أن في ما قدمناه من مقترحات يندرجُ في باب البِناء على التراكم والتّرصيد لما حققه اتحادُنا على مدى حَوَالَيْ عشرينَ عاما من وجوده. وأعتقدُ، من جهة أخرى، أن استفحالَ التحديات أمام عالمنا الاسلامي : استمرار احتلال جزء من الأراضي الاسلامية، والإِرهاب والنزاعات الداخلية والاقليمية، والنزوح، والهجرات، والبطالة وتحقيق التنمية والاستقرار وآثار الاختلالات المناخية، والديموقراطية والسلم، كلها معضلات تفرضُ علينا تطويرَ مناهِج عملِنَا وجعلِهَا أكثر نجاعة، وقراراتنا أكثرَ مردوديةً ونفاذاً إلى الرأي العام الإسلامي، ومن خلالها الرأي العام الدولي.
أجدد الترحيب بكم مؤكداً حرص الشعبة المغربية وحرصي الشخصي على جعل اتحادنا أكثر تماسكاً حتى يساهم في رفع التحديات التي تواجهنا معاً.