كلمة الأمين العام للاتحاد في الحفل الافتتاحي في قصر دولماباغجه

كلمة الأمين العام للاتحاد في الحفل الافتتاحي في قصر دولماباغجه

ألقى معالي السيد محمد قريشى نياس، الأمين العام لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاسلامى كلمة فى جلسة افتتاح المؤتمر الـ16 للاتحاد الذى انعقد فى اسطنبول - تركيا - يوم 10 ديسمبر 2021م. وهذا هو نص الخطاب:

 

 

صاحب الفخامة الرئيس رجب طيب اردوغان،

رئيس الجمهورية التركية

صاحب المعالى البروفسور مصطفى شنتوب

رئيس الجمعية الوطنية التركية الكبرى

أصحاب المعالي رؤساء المجالس ورؤساء وأعضاء الوفود المشاركة

أصحاب السعادة أعضاء الجمعية الوطنية التركية الكبرى

أصحاب السعادة السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية

سيداتى – سادتى؛

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته؛

هانحن نلتقى من جديد، فضلا من الله وكرما، بعد أن منعتنا ظروف وباء كوفيد 19، من انعقاد مؤتمرنا لهذا العام فى موعده العادى.

ها نحن نلتقى على أرض تركيا العظيمة، أرض التاريخ التليد والمجد العظيم، ارض البناء والرقى والحضور الفاعل فى ما يشهده عالم اليوم من تطورات واحداث متلاحقة.

وإنه لشرف لنا عظيم ان يحضر معنا الجلسة الافتتاحية لهذا المؤتمر فخامة الرئيس رجب طيب اردوغان رئيس الجمهورية التركية، كبرهان على ما توليه الدولة التركية من إهتمام باتحاد مجالس الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الاسلامى، بل وبقضايا الأمة الإسلامية كلها.

واذ نتقدم بأخلص التشكرات لصاحب الفخامة الرئيس رجب طيب اردوغان على هذه اللفتة الكريمة، فإننا نستبشر خيرا بأن مؤتمر اسطنبول سيكون مؤتمرا ناجحا وسيكون على مستوى الآمال المعقودة عليه.

واننا نتقدم بجزيل الشكر لصاحب المعالى البروفسور مصطفى شنتوب رئيس الجمعية الوطنية التركية الكبرى على دعوته لانعقاد المؤتمر السادس عشر لاتحاد مجالس الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى، بعد أن تعذر انعقاده فى تونس خلال هذا العام.

اصحاب المعالى

اصحاب السعادة

ايها السيدات والسادة،

لايخفى عليكم ان الظروف التى مر بها العالم خلال السنتين الماضيتين (من ديسمبر 2019 الى ديسمبر 2021) كانت ظروفا لم تشهد الأجيال الحالية شبيها لها، بسبب جائحة كوفيد 19 التى اثارث الرعب فى كل مكان.

لقد كانت انعكاساتها صعبة بالنسبة للجميع لكن الدول الأقل نموا، ومنها غالبية الدول الإسلامية، عانت من تأثيرها كثيرا، مع ما بذلت حكوماتها وبرلماناتها، من جهد من اجل حماية شعوبها.

وفى الوقت الذى بدأ التشافى من هذه الجائحة، فإن الأمر يتطلب مزيدا من التضامن بين دول اتحادنا لتخفيف آثارها على الاقتصاد والنمو، ومن أجل تطوير البحث العلمى بالتعاون بين دولنا الاسلامية حتى يكون بوسعنا ان نمتلك ادوات نبعد بها الخطر عن شعوبنا، خاصة فى مجال اللقاحات ومكافحة الأوبئة.

سيداتى – سادتى؛

لقد اختارت الدولة المضيفة لمؤتمرنا موضوع "المشاركة، الضمير والاسلام: فلسطين، الهجرة وافغانستان" ولهذا العنوان دلالات وايحاءات تستدعى منا التفكير بعمق فى هذه الأمور.

إن قضية فلسطين تظل قضية المسلمين المركزية حتى يحقق الشعب الفلسطينى النصر ويقيم دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

وكان اول اجتماع عقده اتحاد مجالس الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الاسلامى، بعد ما اتجه العالم الى التعايش مع جائحة كوفيد، هو اجتماع لجنة فلسطين فى طهران، بحضور اربعة عشر برلمانا اسلاميا فى يوم 24 مايو 2021م.

وقد أكد هذا الاجتماع على دعم مقاومة الشعب الفلسطينى ضد الكيان الصهيونى بكافة اشكالها، باعتبارها حقا مشروعا حتى تتحقق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطينى، واكد ان مايقوم به الفلسطينيون هو ممارسة حقهم المشروع فى الدفاع عن انفسهم وممتلكاتهم ووطنهم.

ودعا الاجتماع البلدان الاسلامية الى نبذ الخلافات ورص الصفوف وتعزيز اواصر الأخوة الاسلامية لمواجهة الهجمة الشرسة التى يشنها اعداء الأمة الاسلامية، خاصة الكيان الصهيونى الذى يراهن على الوضع الاقليمي الراهن واستغلاله لاشعال نار الفتنة والاضطراب لصرف انتباه دول المنطقة عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الشعب الفلسطينى.

وفى الاجتماع الرابع لهذه للجنة اقترح رئيس الجمعية الوطنية التركية الكبرى معالى البروفسور مصطفى شنتوب عقد اجتماع للجنة فلسطين الدائمة على مستوى رؤساء المجالس فى اسطنبول، على اساس ان القضية الفلسطينية تجسد المعنى الجوهرى للاتحاد، وان الحاجة تقتضى التعامل معها بطريقة مدروسة وتصميم على أعلى المستويات، كما يتطلب متابعة جدية، وفى اثناء التحضير لهذا الاجتماع، ابدى المجلس الوطنى التركى الكبير استعداده لاستضافة المؤتمر السادس عشر للاتحاد، باعتباره أهم واكبر زخما.

سيداتى – سادتى؛

لقد عانت افغانستان، وشعبها، مدة عشرين سنة من التدخل الأجنبى، ومانتج عنه من حروب وفتن، وهي بحاجة الى اخوتها فى الدين وجيرانها خاصة من اجل علاج الكثير من المشاكل المطروحة عليها، حتى تعود الى طريق الاستقرار والبناء.

ويعانى الملايين من المسلمين من الظروف الصعبة للهجرة والنزوح، بسبب الحروب والصراعات والفتن، وبسبب الجوع والبطالة.

وإنه من المؤلم ان نشاهد، فى هذا الشتاء القارس، مئات الآلاف من ابناء الشرق الأوسط ومن ابناء شرق آسيا، وهم يعيشون فى مخيمات لاتتوفر فيها ابسط مقومات الحياة ولاتقيهم من الحر والبرد.

ومن المؤلم كذلك ان نشاهد عشرات الآلاف من شباب افريقيا تتقاذفهم الأمواج، بحثا عن حياة كريمة لم يجدوها فى اوطانهم، وفى اكثر الحالات يكونون لقمة سائغة للحيتان فى اعالى البحار.

سيداتى – سادتى؛

فى فلسطين شعب يعانى من الظلم منذ اكثر من سبعين سنة، وفى افغانستان شعب يحتاج الى من يقف معه فى الشدة، وفى مخيمات اللاجئين نساء واطفال ورجال يستحقون تفريج كروبهم، وفى اعالى البحار شباب يحتاجون الى من يثبتهم فى اوطانهم باقامة مشاريع توفر لهم لقمة العيش الكريم.

كل ذلك يحتاج الى استنهاض همم ذوى الضمائر الحية، والتعاون على البر، واستلهام تعاليم ديننا الإسلامى الحنيف الذى جاء من عند الله تبارك وتعالى القائل: "وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الاثم والعدون" - الآية 2 من سورة المائدة-، وقد جاء بهذا الدين نبي الرحمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القائل: "مثل المومنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى."

إن اقتناعنا بأن التعاون والتراحم والأخوة جاء بها الأمر من رب العالمين يلزمنا ان نستلهم كل ذلك فى سلوكنا ونجسده عمليا، تقربا الى الله تبارك وتعالى القائل: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا" - الآية 103 من سورة آل عمران-.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

آخر الأخبار