إن الحديث عن مأساة مسلمي الروهينغيا هو حديث عن أكثر أقلية اضطهادا في العالم، فهم يتعرضون لأبشع الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية من قتل وحرق و اغتصاب بنية الإبادة الجماعية وبعمل مخَطًطٍ من الجيش و رجال الأمن والمتطرفين من البوذيين.
إن الإبادة الجماعية تهدف إلى تدمير جماعةٍ قوميةٍ أو عرقيةٍ أو دينيةٍ كلياً أو جزئيا و من النادر أن يُستخدم هذا المصطلح، إلا انه استخدم في البوسنة والهرسك من قبل ويستخدم الآن في قضية مسلمي الروهينغيا بالنظر إلى الطريقة التي ارتكبت بها الجرائم في تأطيرها وجَسامتها ونِطاقها.
لقد افادت تقارير دولية أن حكومة ميانمار سمحت بانتشار خطاب الكراهية و فشلت في حماية اقليات الروهينغيا المسلمين ضد جرائم وصفت بالوحشية والتطهير العرقي ارتكبها الجيش في ولايات راخين، كاتشين و شان و تعتبر الحكومة مساهمةً بذلك في تفويض ارتكاب مثل الجرائم الفظيعة بتقصيرها و صمتها و تجاهلها و إعاقة المنظمات الحقوقية و الإنسانية من الوصول الى هذه الأماكن و التعتيم الإعلامي في نقل الحقائق للعالم أجمع.
لقد ترتب عن هذه المجازر تشريد أكثر من مليوني روهينغي و قتل الآلاف من الأطفال و النساء و الرجال، و اغتصاب للنساء و الأطفال و التنكيل بهم، و مصادرة الأملاك، و حرق البيوت و المساجد، و حرمانهم من حق المواطنة، و منعهم من العودة الى مساكنهم، و مصادرة هويتهم، كل هذا ساهم في زعزعة الوضع العام و أدى إلى توتر العلاقات مع دول الجوار و خلق مشاكل اقتصادية و اجتماعية كبيرة.
من خلال الزيارة التي قمنا بها ضمن وفد اتحاد برلمانات دول التعاون الإسلامي وقفنا على الوضع الكارثي الذي يعيشه اللاجئون الروهينغيا والذين مازالوا يفرون بمعدلات هائلة و الاعداد مستمرة في الارتفاع، اذ يمشون لأيام في الغابات والجبال و يقومون برحلات بحرية في خليج البنغال ويصلون منهكين وجائعين و مرضى و هم بحاجة للحماية و المساعدة الإنسانية، ولقد نقلوا قصصا مروعة لما تعرضوا له جعلتهم يرفضون العودة دون حماية دولية .
لقد وجدناهم يفترشون الأرض و يلتحفون السماء وهم بحاجة كبيرة لكل معانى الدعم والإغاثة من خيام واغطية وبطانيات، و بحاجة الى شقً الطرقات ودعم تخطيط المواقع وبناء المراحيض و حفر الآبار وتحسين مرافق المياه و الصرف الصحي وتوزيع مواد الايواء و مواجهة الأمراض والأوبئة و إجراء العمليات الجراحية و المعاينة الطبية وقبل كل هذا المحافظة على عقيدتهم و هويتهم وهي سبب كل هذه المعاناة (و ما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد) لذلك كان لزاما ان ندعو العالم الحر و حكومات الدول المسلمة من خلال البرلمانات الى :
_ السعي من اجل ايقاف المجازر المستمرة فورا .
_ اعادة المهجًرين الى بيوتهم وعدم الدخول في تفاهمات سياسية بالتوطين في اي مكان .
_ إعادة إعمار ما تم تدميره و منح التعويضات للمتضررين.
_ توفير الحماية للأقلية الروهينغية المسلمة و وضع مراقبين دوليين .
_ محاكمة المتسببين في هذه الجرائم و جرًهم الى المحاكم الدولية و اعتبارهم مجرمي حرب .
_ دعم الهيئات الدولية الحقوقية و الاغاثية للقيام بدورها .
إن ما يتعرض له المسلمون الروهينغيا يسمى بحق نكبة العصر، وهو دليل آخر على تواطؤ قوى الشر العالمي على كل ما هو مسلم، وما نكبة فلسطين و معاناة اللاجئين الفلسطينيين عنا ببعيد، فبعد ان تركوا منازلهم لاسابيع ظنا منهم ان العودة قريبة اذا بهم يشردون في أنحاء العالم لاكثر من سبعين سنة .