بدأت هذه المحنة منذ الاحتلال، او الاستعمار البريطاني المعروف، لبلد مسلمي الروهينغيا (بورما) سنة ١٨٢٦. ثم حلت ازمات و كوارث دامية بالمسلمين هناك طوال السنين، وشهد العالم منذ أمد بعيد علي التطورات الدامية والظالمة التي يتعرضون لها و الى يومنا هذا.
ان الحكاية التي نتحدث عنها او نسمعها ونرويها عن الروهينغيا هي قصة من القصص الاستعمارية؛ منذ البداية حتى قدوم الرجل الابيض كان الناس يعيشون هناك معا في سلم وصلح ولو كانوا مختلفين عرقا ودينا خصوصا في عهد الدولة المسلمة الاولى سنة ١٤٣٠م برئاسة السلطان سليمان شاه و قد استمر حكمها حتي سنة 1784م.
الرجل الابيض، وهو صاحب السلاح القاتل والمدمر، كان يجول حول العالم لا للاستشكاف العلمي بل للاستعمار وحده، وهو كان يريد ان يجعل من بلدانه جنة لكن بأموال الغير وانفسهم ودمائهم، لان غرضه الوحيد في الحياة اخذ مال الغيرفقط، اينما يجده يقوم بغصبه وينقله الى بيته بدون اذن اهله، ولو كان غير شرعي وغير اخلاقي، لأن في اعتقاده من هو اقوى هوالأحق. لأن دينه وعهده وعرضه هذا المال وحب الدنيا لا غير.
وفعل الرجل الأبيض ما فعل هناك سنين طويلة، حتى جاء يوم الرحيل، وترك البريطاني اضطراريا هذا البلد، مراعاة لمصلحته. وخلف بعده التفرقة والاختلاف والفتنة بين شعوب (اراكان) للوصول الى غرضه. وسلمت الحكومة البريطانية الى الحكومة الجديدة، المؤسسة من قبل البوذيين، وثيقة مكتوبة فيها أسماء الاقوام الذين يعيشون هناك، ولكن اسم شعب الروهينغيا حذفت من هذه الوثيقة لأنهم مسلمون. ويقول المثل: "عندما تشاهد سمكتين في ماء يقتتلان فاعلم ان "رجل" الأبيض قد مر هناك قبيل ذلك".
بعد ترك البريطانيين هذا الاقليم حتى عام ١٩٤٨م قامت دولة بوذية مقامه وشرعت في انتهاك حقوق المسلمين بايعاز من الحكومة البريطانية و بدعمها، بدعوى اتهامات و إدعاءات كاذبة.
وتلاحقت مثل هذه التوترات حتي ١٩٨٢م عندما سنت الدولة البوذية قانون المواطنة الذي يقضي بحرمان المسلمين من حقوق المواطنة؛ لأن القانون يعرف المسلمين 'بالاجانب'. وفي الحقيقة فان مصدرالمشاكل التي يعيشها الروهينغيا اليوم هو هذا القانون، وترتب على هذا القانون حرمان المسلمين من تملك العقارات و ممارسة اعمال التجارة و شغل الوظائف في الحكومة و التصويت في الانتخابات البرلمانية.
و في السنوات الأخيرة، وبعد أن اشتدت التوترات و الضغط و القتل، هاجر نحو مليون من مسلمي الروهينغيا الى مدينة (جوك بازار) في بنغلادش. وهم يعيشون الان في ظروف قاسية.
و في السنة الماضية اتخذ مؤتمر إتحاد البرلمانات الاسلامية قرارا بزيارة اللاجئين الروهينغيا في بنغلادش؛ لذا زار وفد من الاتحاد يضم نوابا من مجالس: تركيا، ايران، الجزائر، المغرب، باكستان و السودان برئاسة الأمين العام، بنغلادش في شهر سبتمبر 2018.
زار الوفد اولا رئيسة برلمان بنغلاديش، وبعدها وزير الخارجية البنغلاديشي، واستمع منهما الى بيانات حول وضع اللاجئين الروهينغيا و المذكرات المتبادلة بين الدول بشأنهم، وفي اليوم الثاني زار الوفد مخيمات اللاجئين في (جوك بازار) و شاهد الوضع في عين المكان. ان الصورة التي شاهدنا تنادي العالم:
اين المنظمات التي تدعي العدالة و الحقوق و الحرية و السلم؟!