(واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا)
إن مؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في دورته التاسعة المنعقدة في طهران - الجمهورية الإسلامية الإيرانية - يومي 18 و 19 ربيع الثاني 1435 هـ ، الموافق 19 - 18 فبراير 2014 م ،
إذ يستلهم تعاليم القرآن الكريم وأحاديث نبي الاسلام العظيم صلى الله عليه وسلم التي تدعو المسلمين لتعزيز تضامنهم وتجاوز خلافاتهم ,
وإذ يدرك المباديء الواردة في النظام الاساسي للاتحاد وخصوصاً أهداف الاتحاد ,
وإذ يضع في اعتباره القواسم الدينية المشتركة الهامة لجميع المذاهب الاسلامية وخصوصا ايمانهم المشترك بمباديء التوحيد والنبوة واليوم الآخر ،
وإذ يؤكد ضرورة اتخاذ المسلمين لمواقف مشتركة ضاربة الجذور في الثقافة والحضارة الاسلامية العريقتين , وكذلك ضرورة تعزيز قوة المسلمين وتضامنهم في مواجهة التحديات العالمية،
وإذ يدرك المشكلات العديدة التي تواجه الدول الأعضاء، نتيجة للتطورات التي حدثت في السنوات الأخيرة وعلى رأسها المخطط الكبير لزرع بذور الفتنة بين المسلمين والتدفق المتزايد للتيارات المتطرفة التي تشكل خطراً كبيراً على وحدة المسلمين واستمرارية الحياة المجيدة للأمة الاسلامية في المجتمع الدولي ,
وسعياً منه لوقف المد المتصاعد من الانقسام بين اتباع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ومواجهة التيارات الانحرافية والمتطرفة بشكل شامل وفعال,
وتأكيداً للحاجة إلى الاهتمام بالنقاط التالية والأخذ بها في التعامل بين مختلف المذاهب والطوائف والشعوب المسلمة , واستعداداً من الاتحاد للعمل على تحقيق هذه النقاط :
- الانطباع الأكثر دقة وواقعية عن بعضنا البعض :
يجب على المسلمين , في انطباعهم عن بعضهم البعض , أن يكونوا مدركين للمصادر المقبولة لدى الطرف الآخر وأن يمتنعوا عن إطلاق الأحكام التي تستند إلى الشائعات التي تروج بين الجماهير . ويجب أيضاً عدم الاكتراث بالشائعات الكاذبة حول معتقدات أتباع المذاهب الإسلامية المتنوعة . ويتحمل العلماء من مختلف المذاهب الإسلامية مسؤولية تشجيع أبناء الأمة الاسلامية على الابتعاد عن التضارب الفكري , واحترام مصالح الآخرين، واستخدام الخطاب المنطقي للعمل من أجل التقارب بين مختلف الآراء .
- الثقة المتبادلة :
إن الثقة وخلوص النية تجاه سائر المسلمين والأمتناع عن كل الشبهات عند تفسير سلوك الآخرين، تعتبر دعائماً للقيم الإسلامية, وعلى هذا النحو يجب ان تستخدم كأساس للتفاعل الأسلامي .
- التعاون في المسائل المتفق عليها :
إن المبدأ الأساسي في العلاقات الاسلامية يشجع المؤمنين على استخدام القضايا المتفق عليها كأساس للجهود المشتركة بينهم وغض النظر عن المسائل الخلافية .
- تطبيق المنهج القرآني في التفاعل مع المؤمنين وغيرهم :
كما جاء في الذكر الحكيم فان علينا عندما نتفاعل مع المؤمنين وغيرهم أن نستخدم المنهج القرآني ونمتنع عن إثارة المشاعر السلبية من الكراهية والحقد وأن ننخرط في حوار مفيد , او (وجادلهم بالتي هي أحسن) كما ورد في المصطلح القرآني , ويجب علينا أن نمتنع عن استخدام الخطاب الاستفزازي والحاد والملاحظات المثيرة للقلق , وان نستخدم بدلا عن ذلك كلمات وعبارات تؤدي إلى تجسير الفجوات وتعمل على إحلال اللطف والمحبة الأخوية محل البغضاء , والوحدة والوئام محل التفرقة والخصام .
- الرد على التطرف ومؤامرات الفتنة :
للحفاظ على سلامة العلاقات الاسلامية وحماية وحدة الأمة، يجب علينا ألا نعطي أي فرصة للمتطرفين والذين يعملون – لأي سببب كان – على المغالاة في تعليقاتهم وكتاباتهم التي تستهدف اثارة القلاقل وتأجيج نار الفتنة والفوضى وينشطون بحماسة للتحريض على المواجهات بين المسلمين.
- بعد النظر واليقظة في مواجهة مؤامرات العدو :
لمواجهة المؤامرات التي يحيكها الأعداء , الذين يعملون دون هوادة، لهدم وحدة المسلمين من خلال التكتيكات الانقسامية , يجب على القادة المسلمين والعلماء والشعوب الاسلامية انتهاج سبيل اليقظة والحذر . إن هناك حاجة للوحدة الاسلامية وتجنب الخلافات والانقسامات بغية مساعدة الامة الاسلامية في الصعود الى قمم النماء والازدهار . القرآن الكريم يعلمنا أن الوحدة المبنية على أساس عقيدة التوحيد الإسلامية هي القوة وأن الفرقة تعني الضعف والانهزام . وهذا هو السبب في أن أعداء الامة الإسلامية يوجهون ضرباتهم فقط عندما يكون المسلمون في حالة انقسام ومعاداة لبعضهم البعض (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون).
- الاستفادة من قدرات العلماء والمفكرين المسلمين :
يجب تأكيد وإبراز الدور المهم الذي يضطلع به العلماء والباحثون والمثقفون المسلمون , و الذين في مقدورهم تحقيق المبدأ الأساسي للوحدة الإسلامية من خلال تقليص الفجوة بين المذاهب الاسلامية والدعوة إلى الالتزام بأخلاق إسلامية قوية , تتجسد في الأخوة والتضامن والوئام والتسامح واحترام جميع المسلمين . ومن أجل هذه الغاية نوصي بقوة بدعم التوسع الفعال لأنشطة الأجهزة والمؤسسات الدينية التي تتمتع بتأييد شعبي لدى الأمة الإسلامية , وخصوصاً مجمع الفقه الاسلامي الدولي والمنظمات المماثلة العاملة في مجال التقريب بين المذاهب الاسلامية وزيادة التفاعل بين المراكز الدينية والأوساط الاكاديمية .
- مضاعفة الاتصالات والتعاون الإعلامي بالاستفادة من التقنيات الحديثة :
لايمكن بحال من الاحوال، إنكار دور العلم وتقنية الاتصالات الالكترونية، بما في ذلك الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة في تعزيز وجهات النظر المتقاربة وتنقية الأجواء السائدة، خاصةً الجو النفسي داخل المجتمعات الاسلامية , وكذلك تمهيد الطريق لترسيخ شتى أنماط التعاون بين الدول الاسلامية.
الخــلاصــة :
إذ يضع أعضاء الاتحاد في اعتبارهم المباديء الواردة أعلاه فأنهم يدعون جميع الدول الإسلامية إلى الالتزام بالاعتبارات التالية في تعاملاتها السياسية والثقافية والتنموية:
- التعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك واتخاذ الموقف الموحد بشأنها .
- إتخاذ موقف منسق وموحد عند مواجهة أعداء الإسلام , خصوصاً الموقف من القضايا التي تمس المصلحة المشتركة للأمة الاسلامية، مثل قضية فلسطين .
- منع التيار التكفيري من أن يتجذر , وكذلك الحيلولة دون إستمرار رفض وتقويض مذاهب إسلامية من قبل مذاهب إسلامية أخرى , والعمل على التفاف الأمة الاسلامية حول مباديء التوحيد والنبوة ويوم الميعاد (يوم القيامة والبعث ) .
- نظراً إلى شرعية الاجتهاد (الاستدلال الفقهي) الذي يقوم على أساس المصادر الاسلامية فمن المنطقي فقط قبول الاجتهاد ونتائجه . بيد أن الشخص الذي يطلب الفتوى ويوجه اليها – مع وجود اجماع حول مصادر الاجتهاد، فإنه يظل حرا في قبول أو رفض الفتوى الصادرة, بشرط ألا
يعمل على تكفير صاحب الاجتهاد (الفتوى) . وبعبارة أخرى فإن الأحكام بشأن الخلافات حول الاجتهاد والتي تتحدث عن الحق أو الخطأ أو الإيمان أو البدعة يجب رفضها وإدانتها , ويجب أن تقتصر الأحكام على النص , كونه صحيحا أو غير صحيح , القائم على أساس الفقه الإسلامي .
- إصدار الفتوى يجب أن يقتصر على الفقهاء الذين يتصفون بالصفات التالية :
- الفهم الواضح لكتاب الله وسنة النبي العظيم صلى الله عليه وسلم وعلوم الفقه ومباديء الإسلام والقدرة على استنباط الأحكام الشرعية من المصادر المذكورة آنفاً .
- الالمام بالحياة المعاصرة واهتمامات أفراد المجتمع.
- التمعن في أولويات الأمة الإسلامية عند إصدار الفتوى وتوجيه الأحكام نحو المشاكل الماثلة.
- بما أن القرآن الكريم يدعو المسلمين إلى الحوار العقلاني والهادي والبعيد عن التخويف مع الاخرين للوصول إلى الحقيقة , فإنه يتعين على الدول الاسلامية والمسلمين حل خلافاتهم من خلال المحادثات السلمية المبنية على الاحترام المتبادل والعقلانية .
- الحاجة لتعزيز المنظمات القائمة وإنشاء معاهد جديدة تهتم بالدراسات الإسلامية التي تقرها جميع المذاهب الإسلامية، بغية ايجاد حلول للمسائل التي تهم جميع المسلمين ، مثل العمل المصرفي غير الربوي والتأمين والتجارة والعلاقات الدولية والحقوق الإنسانية .
- التخطيط والتنظيم لاقامة تعاون وثيق بين الدول الاسلامية في حدود ميثاق منظمة التعاون الإسلامي، ووضع خطة مشتركة لتعزيز عالمية الإسلام .